آه كيف القرار فوق فراشٍ ... ملأته الأحزانُ خرط القّتاد ؟ .
كيف تلتذّ بالمنام جفونٌ ... قد محاها البكى وطول السهاد ؟ .
كيف لا تلتظي دمشقُ ولولا ... ه لما سُمِّيتْ بذات العماد ؟ .
منها : .
حملوه على الرقاب ولكن ... بعدما أثقل الوَرَى بالأيادي .
من كرامٍ راقتْ معاني عُلاهم ... وتغَنَّى بمدحهم كلُّ شادِ .
نَسَبٌ باهِرُ السنا خالديٌّ ... قد تساوت غاياتهُ والمبادي .
منها : .
يتراءى في الدست بين جلالٍ ... وجمالٍ وسؤدد وسداد .
فتواقيعهُ تراها طرازاً ... رُمي الروضُ عندها بالكساد .
وبأقلامه يُسرّ المُوالي ... إن يراها كما يُساء المعُادي .
الصالح ابن الناصر .
إسماعيل بن محمد بن قلاون الملك الصالح ابن الملك الناصر ابن الملك المنصور عماد الدين أبو الفداء كان خير الإخوة لما اختلف الناس أيام الناصر أحمد عندما توجه من القاهرة وأقام بالكرك . قال الأمير بدر الدين جنكلي ابن البابا وقد اجتمع الأمراء المشايخ والأمراء الخاصكية طلباً لإقامة سلطانٍ : يا أمراء يعني الخاصكية أنتم أمراء وكبار وأصهار السلطان وأزواج بناته وأنتم أخبر بأولاد أستاذكم أبصروا من كان فيهم ديناً عاقلاً ولوه عليكم ! .
فقالوا : هذا سيدي إسماعيل . فأقامه الأمير بدر الدين وأجلسه على الكرسي وحلف له وحلف الأمراء والعسكر جميعه وجهز الأمير سيف الدين طقتمر الصلاحي إلى دمشق ليحلف الأمراء واستقر أمر الناس على خيرٍ وكان ذلك يوم الخميس ثاني عشري المحرم سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة . وتوفي C تعالى في رابع ربيع الآخر سنة ست وأربعين وسبعمائة . وكان شكلاً حسناً حلو الوجه أبيض بصفرة وعلى خده شامة فيه خير وتلاوة . ولكنه لما تولى الملك استولى النساء عليه ومال إليهن وتزوج ابنة شهاب أحمد بن بكتمر الساقي التي من بنت نائب الشام تنكز ثم تزوج بابنة الأمير سيف الدين طقزتمر الناصري نائب الشام وكان يميل إلى السودان من النساء وكان يؤثرهن وكان المدبر لدولته الأمير سيف الدين أرغوني العلائي المقدم ذكره في مكانه . ولما تولى الملك أقر الأمير شمس الدين آقسنقر السلاري نائب الناصر أحمد أخيه على نيابة مصر ثم أمسكه وولى النيابة للأمير سيف الدين الملك الآتي ذكره إن شاء الله تعالى . وكان وادعاً ساكناً قليل الشر C تعالى . ولما توفي تولى الملك أخوه وشقيقه الكامل شعبان الآتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف الشين المعجمة وذلك بوصية منه . وقلت أنا مضمناً من الطويل : .
مضى الصالحُ المرجوّ للبأس والندى ... ومَن لم يزل يلقى المُنى بالمنائحِ .
فيا مُلكَ مصرٍ كيف حالك بعده ... إذا نحن أثنينا عليك بصالحِ .
مجد الدين السلامي .
إسماعيل بن محمد بن ياقوت هو الخواجا مجد الدين السلامي كان رجلاً عظيماً داهيةً ذا عقل وافر وحسن تلطفٍ ومداخلة للملوك وهو كان السبب في الصلح بين المسلمين والتتار أيام القان بو سعيد وكانت له وجاهة زائدة عند السلطان الملك الناصر وعند المغل لحسن تأتيه وما رأيت مثله في النطق السعيد المناسب وكان إذا سافر إلى بلاد تبريز يقيم بالأردو ويكون مكابتات السلطان إليه والقماش والأصناف يجهز من مصر إليه ليتصرف على ما يراه من إهداء ذلك إلى أعيان الأردو ثقةً بمعرفته ودربته وكان له مماليك أقطعوا في الحلقة بمصر وله راتب كبير على السلطان من اللحم والخبز والكماج والشعير والسكر والحلوى والشمع وغير ذلك لعل ذلك يقارب المائة والخمسين درهماً في كل يوم وأعطاه السلطان قرية أراق من بعلبك تغل في السنة عشرة آلاف درهم وكانت له في الدولة وجاهةٌ وكان النشو يعظمه ولا يكاد يفارقه . ولما مات السلطان تغير عليه قوصون وتنكر له وأخذ منه مبلغ يسير . ومن أملاكه ببلاد الشرق السلامية والماحوزة وزالمراوزة والمناصف . ومولده سنة إحدى وسبعين وستمائة وتوفي يوم الأربعاء سابع جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة ودفن في تربته برّا باب النصر بالقاهرة .
الصالح ابن نور الدين