فلم تزل للحمام مرتصداً ... حتى سقيت الحمام بالرصد .
لم يرحموا صوتك الضعيف كما ... لم ترث منها لصوتها الغرد .
أذاقك الموت ربهن كما ... أذقت أفراخه يداً بيد .
كأن حبلاً حوى بجودته ... جيدك للخنق كان من مسد .
ومنها : من المنسرح .
كأن عيني تراك مضطرباً ... فيه وفي فيك رغوة الزبد .
وقد طلبت الخلاص منه فلم ... تقدر على حيله ولم تجد .
فجدت بالنفس والبخيل بها ... أنت ومن لم يجد بها يجد .
فما سمعنا بمثل موتك إذ ... مت ولا مثل عيشك النكد .
عشت حريصاً يقوده طمعٌ ... ومت ذا قاتلٍ بلا قود .
يا من لذيذ الفراخ أوقعه ... ويحك هلا قنعت بالغدد .
ألم تخف وثبة الزمان وقد ... وثبت في البرج وثبة الأسد .
ومنها : من المنسرح .
عاقبة الظلم لا تنام وإن ... تأخرت مدةً من المدد .
أردت أن تأكل الفراخ ولا ... يأكلك الدهر أكل مضطهد .
هذا بعيدٌ من القياس وما ... أعز في الدنو والبعد .
لا بارك الله في الطعام إذا ... كان هلاك النفوس في المعد .
كم دخلت لقمةٌ حشا شرهٍ ... فأخرجت روحه من الجسد .
ما كان أغناك عن تسلقك ال ... برج ولو كان جنة الخلد .
ومنها : من المنسرح .
قد كنت في نعمة وفي دعةٍ ... من العزيز المهيمن الصمد .
تأكل من فأر بيتنا رغداً ... وأين بالشاكرين للرغد .
وكنت بددت شملهم زمناً ... فاجتمعوا بعد ذلك البدد .
فلم يبقوا لنا على سبدٍ ... في جوف أبياتنا ولا لبد .
وفرغوا قعرها وما تركوا ... ما علقته يدٌ على وتد .
وفتتوا الخبز في السلال فكم ... تفتت للعيال من كبد .
ومزقوا من ثيابنا جدداً ... فكلنا في المصائب الجدد .
ودخل ابن العلاف على المعتضد وهو يفرق دراهم الصدقة فقال : هل لي في هذا نصيبٌ . فقال : هذه دراهم الصدقة وأنا أشفق عليك وأرفعك عنها . فقال : من المنسرح .
إن إمام الهدى ليرفعني ... سؤدده عن دراهم الصدقه .
يا سيد الناس وابن سيدهم ... أعدمني الله هذه الشفقه .
فضحك ووصله .
وقال وقد وقع في حفرةٍ : من البسيط .
قالت كأنك في الموتى فقلت لها ... قد مات من ذهبت والله عيناه .
عيناي كفاي لا طرفٌ ألذ به ... وكيف يفرح من عيناه كفاه .
توفي ابن العلاف سنة ثمان عشرة وقيل تسع عشرة وثلاثمائة .
ابن أبي السعود الكوفي .
الحسن بن علي بن أبي السعود الأديب أبو محمد الكوفي نزيل القاهرة .
له قصيدة نونية في القراءات رواها عنه الشيخ شرف الدين أبو محمد الدمياطي . وقال : توفي في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وستمائة . ومن شعره : ... ... ... ... ... ... ... ... .
أبو علي بن أبي جرادة .
الحسن بن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة أبو علي . كان كاتباً فاضلاً شاعراً أديباً يكتب النسخ طريقة ابن مقلة والرقاع طريقة ابن البواب وخطه جيد حلو .
سمع أباه بحلب وكتب عنه السمعاني عند قدومه حلب وسار في حياة أبيه إلى مصر واتصل بالعادل أمير الجيوش وزير المصريين وأنس به ثم نفق بعده على الصالح بن رزيك وخدم في ديوان الجيش . ولم يزل بمصر إلى أن مات سنة إحدى وخمسين وخمسمائة . وكتب إلى أخيه عبد القاهر : من الطويل .
سرى من أقاصي الشام يسألني عني ... خيالٌ إذا ما زار يسلبني مني .
بذلت له قلبي وجسمي كليهما ... فلم يرض إلا أن يعرس في جفني .
وإني ليدنيني اشتياقي إليكم ... ووجدي بكم لو أن وجد الفتى يدني .
وأبعث آمالي فترجع حسراً ... وقوفاً على ضنٍ من الوصل أو ظن .
فليت الصبا تسري بمكنون سرنا ... فتخبرني عنكم وتخبركم عني .
وليت الليالي الخاليات عوائدٌ ... علينا فنعتاض السرور من الحزن .
وقال : من البسيط