يَيْعَى بِها غُصْنُ بانٍ فِي كَثِيبِ نقاً ... لَهُ عَلَى القومِ تَرْديدُ وتَكْريرُ .
إذا أتَاكَ بِكأسٍ خِلتَها قَبَساً ... يَسْعى بِهَا فِي ظَلام الليلِ مَفرورُ .
يُعطِيكَها وَهْو ياقوتُ ويأخُذُها ... إذا أشَرْتَ إليه وَهْوَ بَلُّورُ .
وَالأرضُ قَد نَسَجتْ أيْدِي الرَبيعِ بِهَا ... وَشْياً تَرَدَّتْ بِهِ الآكامُ والقُورُ .
فالتِبْرُ مَجْتَمِعُ فِيهَا وَمُفْتَرقٌ ... والدُرُّ مُنْتَظِمٌ فِيهَا ومَنْشُور .
كانّ مَنْثورَها والعين تَرْمُقُهُ ... دَراهمٌ حِينَ تَبْدو أوْ دَنانيرُ .
مَا شِئتَ من مَنْظَرٍ فِي رَوْضِها نَضِرٍ ... كأنّما نَورُه مِنْ حُسْنِهِ نورُ .
تَظلّ أطْيارُها تَشْدو بِها طَرَباً ... إذا تَبَدّتْ مِن الصُبْحِ التَباشيرُ .
مِنْ بُلْبُلٍ كُلّما غنّاك جاوَبَهُ ... فِيهَا هَزارٌ وقُمرِيٌّ وشُحْرورُ .
كأنمّا صَوْتُ ذا صَنْجٌ يُجاوِبُهُ ... من ذاكَ نايٌ وذا بمٌّ وذا زِيرُ .
أبو رَوح البصري .
سلامة بن مسكين أبو روَح الأزدي النمري البصري . وثّفه ابن معين وقال أبو حاتم : صالح الحديث وَقَدْ رُمي بالقدر إلاّ أنّه كَانَ من أعبد أهل البصرة فِي زمانه . روى لَهُ البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وقال البخاري : مات سنة سبع وستّين ومائة .
البصري الخزاعي .
سلامة بن أبي كطيع البصري الخزاعي . قال أحمد بن حنبل : كَانَ صاحب سنّة . وقال ابن عديّ : كَانَ يُعَدّ من خطباء البصرة . وقال ابن حيّان : كثير الوهم لا يحتجّ بِهِ إذا انفرد . وتوفيّ سنة ثلاث وسبعين ومائة وروى لَهُ البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .
أبو الخير الأنباري .
سلامة بن عبد الباقي بن سلامة العلاّمة أبو الخير الأنباري النحوي الضرير المقريء . نزيل مصر تصدّر بجامع عمرو بن العاص وَلَهُ تصانيف شَرَحَ " المقامات الحريريّة " . وتوفيّ سنة تسعين وخمس مائة .
بهاء الدين الرقّى .
سلامة بن سليمان الشيخ بهاء الدين الرقّي النحوي . كَانَ من أئمّة العربيّة أقرأ جماعةً بمصر . ومات سنة ثمانين وستّ مائة وَقَدْ ناهز الثمانين .
ابن رحمون الطبيب .
سلامة بن مبارك بن رحمون بن موسى . من أطباء مصر وفضلائها كَانَ يهوديّاً وَلَهُ أعمال حسنة فِي الطبّ واطّلاع عَلَى كتَب جالينوس والبحث عن غوامضها وَكَانَ قَدْ قرأ عَلَى إفرائيم مدّة ولابن رحمون عمل فِي المنطق والحكمة وَلَهُ فِي ذَلِكَ تصانيف . وَكَانَ شيخه فِي ذَلِكَ الأمير أبو الوفاء محمود الدولة المبشّر بن فاتك . وجرت بَيْنَ سلامة وبين أميّة بن عبد العزيز الأندلسي بمصر مباحث وذكره أميّة فِي الرسالة المصريّة وحطّ عَلَيْهِ فِيهَا ونسبه إلى الجهل فِي مَا يدّعيه من العلوم وقال : كَانَ بمصر طبيب يسمّى جرجس الفيلسوف عَلَى مَا قيل فِي الغراب أبو البيضاء وَفِي اللديغ سليم قَدْ فرغ للتولّع بابن رحمون والإوراء عَلَيْهِ يزوّر فصولاً طبّيّة وفلسفيّة يقرّرها فِي معارض ألفاظ القوم وهي محال لا معنى لَهَا ولا فائدة فِيهَا . ثُمَّ إنّه ينفذها إلى من يسأله عن معانيها ويتكلّم عَلَيْهَا ويشرحها بزعمه دون تيقّظ ولا تحفّظ بل باسترسال واستعجال وقلّة اكترث فيؤخذ منها مَا يضحك منه وأنشدتُّ لجرجس هَذَا فِيهِ من السريع : .
إنّ أبا الخير عَلَى جهله ... يَجِفُّ فِي كَفَّتِهِ الفاضِلُ .
عَليلُه المِسْكينُ مِنْ شؤمِهِ ... فِي بَحْرِ هُلكٍ مَا لَهُ ساحِلُ .
ثلاثَةٌ تَدْخُلُ فِي دَفْعَةٍ ... طلْعتُه والنعشُ وغاسلُ .
ولبعضهم فِيهِ من الخفيف : .
لأبِي الخيرِ فِي العلا ... جِ يَدٌ مَا تُقصِّرُ .
كلُّ مضنْ يَسْتَطِبُّهُ ... بَعْدَ يَوْمَين يُقْبَرُ .
والذي غابَ عنكُمُ ... وَشَهِدْناهُ أَكثَرُ .
وفيه قيل أيضاً من الطويل : .
جُنونُ أبي الخَيرِ الجُنونُ بِعينهِ ... وَكُلُّ جُنونٍ عَنْدَهُ غايةُ العقلِ