صفوان بن إدريس أبو بحر المرسي الكاتب البليغ ؛ كان مكن الأوباء واعيان الرؤساء فصيحاً جليل القدر له رسائل بديعة وكان من الفضل والدين بمكان توفي وله سبع وثلاثون سنة ومن تصانيفه كتاب بداهة المتحفز وعجالة المستوفز وكتاب زاد المسافر وهو الذي عارضه ابن الأبار بكتاب تحفة القادم ومات معتطباً ولم يبلغ الأربعين وتولى أبوه الصلاة عليه . ومن شعره من قصيدة : .
حليتم زمناً لولا اعتدالكم ... خفي حكمكم لم يكن في الحكم يعتدل .
فإنما أنتم في أنفه شمم ... وإنما أنتم في طرفه كحل .
ومنه : .
يرى اعتناق العوالي في الوغى غزلاً ... لأن خرصانها من فوقها مقل .
ومنه : .
سر النوى في ضمان كتماني ... إن لم تنافق علي أجفاني .
أبلى لقلبي وليس في بدني ... رب طليق يشقى به العاني .
ومنه : .
أحمى الهوى قلبه وأوقد ... فهو على أن يموت أو قد .
وقال عنه العذول سال ... قلده الله ما تقلد .
وباللوى شادن عليه ... جيد غزال ووجه فرقد .
علله ريقه بخمر ... حتى ثنى طرفه وعربد .
لا تعجبوا لانهزام صبري ... فجيش أجفانه مؤيد .
أناله كالذي تمنى ... عبد نعم عبده وأزيد .
له علي امتثال أمر ... ولي عليه الجفاء والصد .
إن بسملت عينه لقتلي ... صلى فؤادي على محمد .
ومنه : .
يا حسنه والحسن بعض صفاته ... والسحر مقصور على حركاته .
بدر لو أن البدر قيل له اقترح ... أملاً لقال أكون من هالاته .
يعطي ارتياح الغصن غصناً أملداً ... خجل الصباح فكان من زهراته .
والخال ينقط في صحيفة خده ... ما خط حبر الصدغ من نوناته .
وإذا هلال الأفق قابل وجهه ... أبصرته كالشكل في مرآته .
عبثت بقلب عميده لحظاته ... يا رب لا تعتب على لحظاته .
ركب المآثم في انتهاب نفوسنا ... فالله يجعلهن من حسناته .
ما زلت اخطب للزمان وصاله ... حتى دنا والبعد من عاداته .
فغفرت ذنب الدهر فيه لليلة ... سترت على ما كان من زلاته .
غفل الرقيب فنلت منه نظرة ... يا ليته لو دام في غفلاته .
ضاجعته والليل يذكي تحته ... نارين من نفسي ومن وجناته .
بتنا نشعشع والعفاف نديمنا ... خمرين من عذلي ومن كلماته .
فضممته ضم البخيل لماله ... أحنو عليه من جميع جهاته .
أوثقته في ساعدي لأنه ... ظبي خشيت عليه من فلتاته .
والقلب يدعو أن يصير ساعداً ... ليفوز بالآمال من ضماته .
حتى إذا هام الكرى بجفونه ... وامتد في عضدي طوع سباته .
عزم الغرام علي في تقبيله ... فنقضت أيدي الطوع من عزماته .
وأبى عفافي أن يقبل ثغره ... والقلب مطوي على جمراته .
فاعجب لملتهب الجوانح غلة ... يشكو الظما والماء في لهواته .
ومنه .
والسرحة الغناء قد قبضت بها ... كف النسيم على لواء أخضر .
وكأن شكل الغيم منخل فضة ... يرمي على الآفاق رطب الجوهر .
ومنه : .
وكأنما أغصانها أجيادها ... قد قلدت بلآلئ الأنوار .
ما جاءها نفس الصبا مستجدياً ... إلا رمت بدراهم الأزهار .
ومنه في مليح يرمي نارنجاً في بركة : .
وشادن ذي غنج دله ... يروقنا طوراً وطوراً يروع .
يقذف بالنارنج في بركة ... كلاطخ بالدم سرد الدروع .
كأنما أكباد عشاقه ... يتلفها في لج بحر الدموع .
ومنه : .
أولع من طرفه بحتفي ... هل يعجب السيف للقتيل .
تهيبوا بالحسام قتلي ... فاخترعوا دعوة الرحيل .
صفية .
أم المؤمنين