وإني على شوقي إليه وصبوتي ... أغار عليه في دجى الليل إذ يسري .
فبت ودمعي مزج فيض دموعه ... أقبل ما بين الترائب والنحر .
إذا هم أن يمضي جذبت بثوبه ... وأطبقت من خوف على مقلتي شفري .
وكم ليلة هانت علي ذنوبها ... بما بات يرويني من الريق والخمر .
أقبل منه الورد في غير حينه ... وألثم بدر التم في غيبة البدر .
إلى أن بدا نور التبلج في الدجا ... كنور جبين لاح في ظلمة الشعر .
وهب نسيم للصباح كأنما ... يهب بريح المسك أو خالص العطر .
وقد نبه الساقي الندامى لقهوة ... كشعلة مصباح خلا أنها تجري .
ومنه : البسيط .
مجرى جفوني دماء وهو ناظرها ... ومتلف القلب وجداً وهو مرتعه .
إذا بدا حال دمعي دون رؤيته ... يغار مني عليه فهو برقعه .
قلت : ولي في مثل هذا المعنى : الوافر .
سألتهم وقد عزم التنائي ... قفوا نفساً علي فما أجابوا .
ولم أرهم وقد زموا المطايا ... بأن الدمع في عيني حجاب .
ولي مثله أيضا : البسيط .
هم نور عيني وإن كانت لبعدهم ... أيام عيشي سوداً كلها عطب .
أن يحضروا فالبكا غطى على بصري ... فهم حضورٌ وفي المعنى هم غيب .
أبو المطرف بن بشر القرطبي .
عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد بن محمد بن بشر بن غرسيه أبو المطرف القرطبي قاضي الجماعة ابن الحصار مولى ابن فطيس . روى عن أبيه وتفقه به وكان من أهل العلم والتفنن والذكاء وكان لا يفتح على نفسه باب رواية ولا مدارسة .
قال ابن بشكوال : سمعت أبا محمد ابن عتاب حدثنا أبي مراراً قال : كنت أرى القاضي ابن بشر في المنام بعد موته في هيئته وهو مقبل من داره فأسلم عليه وأدري أنه ميت وأسأله عن حاله وعما صار إليه ؟ فكان يقول لي : إلى خير ويسر بعد شدة فكنت أقول له : وما تذكر من فضل العلم ؟ وكان يقول لي : ليس هذا العلم يشير إلى علم الرأي ويذهب إلى أن الذي انتفع به من ذلك ما كان عنده من علم كتاب الله وحديث رسول الله A . قال ابن حزم في آخر كتاب الإجماع : ما لقيت في المناظرة أشد إنصافاً منه . توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة ولم يأت بعده قاض مثله .
أبو الفرج السرخسي الزاز .
عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الأستاذ أبو الفرج السرخسي الفقيه الشافعي المعروف بالزاز . كان أحد من يضرب به المثل في حفظ المذهب وهو رئيس الشافعية بمرو تفقه على القاضي حسين وله مصنف سماه الإملاء انتشر في الأقطار . توفي سنة أربع وتسعين وأربع مائة .
أبو نصر النيسابوري .
عبد الرحمن بن أحمد بن سهل بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن حمدان ابن محمد السراج أبو نصر بن أبي بكر من أهل نيسابور من بيت العلم والدين . وكان والده من كبار الأئمة الفقهاء . تفقه أبو نصر هذا على أبي المعالي الجويني ولازمه حتى برع في الفقه وصار من خواص أصحابه والمعيدين لدرسه وجرى على منوال أسلافه في الدين والورع وقلة المخالطة لأبناء الدنيا وملازمة طريق السلف سمع والده وسعيد بن محمد بن أحمد البحيري ومحمد بن عبد الرحمن الجترزوذي وغيرهم وقدم بغداذ حاجاً وحدث بها وتوفي سنة ثمان عشرة وخمس مائة .
أبو طاهر الساوي .
عبد الرحمن بن أحمد بن علك بتشديد اللام بعد العين المهملة وآخره كاف ابن دات بالدال المهملة وبعد الألف تاء ثالثة الحروف الساوي أبو طاهر الفقيه الشافعي . كان والده من أهل ساوة وكان والده أمير الحاج سمع بسمرقند من طاهر بن عبد الله الإيلافي والحاكم أبي عمرو عبد العزيز بن محمد القنطري المروزي وعبد الله بن محمد الفارسي وغيرهم توفي سنة أربع وثمانين وأربع مائة وشيع جنازته نظام الملك وجمع من الأكابر . ودفن عند قبر الشيخ أبي إسحاق الشيرازي . ورؤي الشيخ أبو إسحاق في الليلة التي دفن أبو طاهر بجانبه كأنه خرج من قبره وقعد على شفير القبر وهو يحرك إصبعه المسبحة ويقول : يا بني الأتراك يا بني الأتراك كأنه يستغيث من جواره .
أبو النجيب التغلبي