قال ابن رشيق في الأنموذج : هو شاعر مفلق قوي أساس الشعر كأنه أعرابي بدوي يتكلف بعض التكلف وفي قصائده طول . عريان الظاهر من حلية الأدب لغفلة في طبعه وثقل في سمعه ضمني وإياه مجلس مذاكرة ومعه غلام من ولد عبد الله بن غنجة الكاتب وكان مفتوناً به فجفا علي بعض كلام الغلام ورابه ذلك مني فقال الزواق بعد ذلك ما تراه يصنع فقال له : .
إن يكن خيراً فأنت له ... أو يكن شراً فدعه لنا .
نتقي عنك السهام ولا ... بد منها أن تلم بنا .
وبلغني ذلك فكتبت إليه من فوري وكانت له عندي مقدمات سوء : .
أيهذا المدعي لسنا ... كف من غربي أنا وأنا .
أرأيت الضغن كيف بدا ... ورأيت الشر كيف رنا .
بعتني وكساً بلا ثمن ... كيف لو أعطيت بي ثمنا ؟ ! .
لا ترد شتمي ومنقصتي ... إنما المغبون من غبنا .
ومما أورده للزواق في وصف ديك : .
وهب لأطيار ذو خبرة ... عنه بما يعرب عن خبرها .
فنص جيداً ورقا منبراً ... دار الذي عود من خدرها .
واستفتح الصوت بتصفيقه ... استفتاح ذات الطارفي شعرها .
فبلبل البلبل في غصنه ... وأرق الورقاء في وكرها .
كأنما توج ياقوتة ... فاتخذ الشنفين من شطرها .
كأنما يخطر في حلة ... من عدني الوشي لم يشرها .
وقوله في وصف فرس : .
مخلولق الصهوة مثل المدوك ... يعدو معديه بلا تحرك .
كأنه فوق مهاد متك ... يضحك للعين ولما يضحك .
ذو مقلة في محلولك ... كأنها فلذة قلب المشرك .
وقوله في وصف حمام : .
يجتاب أودية السحاب بخافق ... كالبرق أومض في السحاب فأبرقا .
لو سابق الريح الجنوب لغاية ... يوماً لجاءك مثلها أو أسبقا .
يستقرب الأرض البسيطة مذهباً ... والأفق ذا السقف الرفيعة مرتقى .
ويظل مسترق السماع مخافة ... في الجو يحسبه الشهاب المحرقا .
قسه بأعتق كل ريشة ... مما يطير تجده منه أعتقا .
يبدو فيعجب من يراه لحسنه ... وتكاد آية عتقه أن تنطقا .
مترقرقاً من حيث درت كأنما ... لبس الزجاجة أو تجلبب زئبقا .
وقوله في القاضي جعفر بن عبد الله الكوفي : .
حر المروة والأبوة سيد ... ينمى لأشرف سادة أخيار .
القاطعين نياط كل مبالغ ... في المدح تحت دقائق الأفكار .
كانوا إذا بخل السحاب بمائه ... وهبوا سحائب فضة ونضار .
يا صيرفي في بني الزمان أما ترى ... عز الفلوس وذلة الدينار .
وقوله يعاتب : .
قد كنت أحسب في عليين منزلتي ... في ودكم وإذا بي أسفل الدرك .
يا حسن ودي لو أني نعمت به ... فيكم وفزت بحظ غير مشترك .
يا روضة شانها في عين زائرها ... وقد تنزه ما فيها من الحسك .
أبو الرضا المعري .
عبد الواحد بن الفرج بن نوت . أبو الرضا المعري .
توفي في حدود ثمانين وأربع ماية .
ذكره العماد الكاتب في الخريدة فقال : كان مغفلاً صاحب بديهة . وأورد له عدة مقاطيع . فمن ذلك أنه مر على قرية يقال لها سياث من أعمال المعرة وفيها دار قديمة تنقض فقال : .
عبرت بربع من سياث فراعني ... به زجل الأحجار تحت المعاول .
تناولها عبل الذراع كأنما ... رمى الدهر فيما بينها حرب وائل .
فقلت له شلت يمينك خلها ... لمعتبر أو زاهد أو مسائل .
منازل قوم حدثنا حديثهم ... ولم أر أحلى من حديث المنازل .
وقال : .
نسري فيغدو من بغال جيادنا ... قبس يضيء الليل وهو بهيم .
وكأن مبيض النعال أهلة ... وكأن محمر الشرار نجوم .
قال : جلس معز الدولة الكلابي صاحب حلب على قويق زمان المد وخيم وذكر ابن التوت فأحضر على البريد فلما رآه على شاطئ النهر قال بديهاً :