علي بن محمد أبو الحسين الكاتب الشابُشتي بشينين معجمتين وبينهما ألف وبعدهما باء موحَّدة وبعد السين الثانية تاء ثالثة الحروف . كان أديباً فاضلاً تعلّق بخدمة العزيز بن المعزّ العُبَيدي صاحب مصر فولاه أمر خزانة كتبه وجعله دَفتر خُوان يقرأ له الكتب ويجالسه وينادمه . وكان حلو المحاورة لطيف المعاشرة له مصنَّفات حسنة منها : كتاب الديارات ذكر فيه كل دير بالعراق والشام ومصر وجمع الأشعار المقولة في كل دير وكتاب اليسر بعد العسر وكتاب مراتب الفقهاء وكتاب التوقيف والتخويف وله كتاب مراسلات . توفي بمصر سنة ثمانٍ وثمانين وثلاث مائة وقيل سنة تسعين وثلاث مائة وقيل سنة تسع وتسعين وقيل اسمه م بن إسحاق وكنيته أبو عبد الله وقد مرّ ذكره في المحمدين أيضاً أخصر من هذه الترجمة .
علاء الدين بن الكلاّس .
علي بن محمد علاء الدين الدَّواداري الكناني يعرف بابن الريِّس وابن الكلاّس . كان جندياً بدمشق رأيته بها غير مرة . كان فاضلاً أديباً ناظماً ناثراً له تعاليق ومجاميع يدل حسن اختياره فيها على فضله . توفي بحطّين وهي قرية من قرى صَفَد قبل الثلاثين وسبع مائة أو فيما بعدها والله أعلم . ومن شعره : .
خليليّ ما أحلى الهَوَى وأمرَّهُ ... وأعلمَني بالحلو منه وبالمرِّ .
بما بيننا من حرمةٍ هل رأيتما ... أرقَّ من الشكوى وأقسى من الهجرِ .
ومنه : .
سقطتْ نفوسُ بني الكرام فأصبحوا ... يتطلَّبون مكاسب الأنذالِ .
ولقلّما طلب الزمان مساءتي ... إلاَّ صبرتُ وإن أضرَّ بحالي .
نفسي تراودني وتأبى همّتي ... أن أستفيدَ غنًى بذلِّ سؤالي .
ومنه : .
تقدَّمتُ فضلاً من تأخَّر مدةً ... بَوادي الحيا طَلٌّ وعُقباه وابلُ .
وقد جاء وِتْرٌ في الصلاة مؤخَّراً ... به خُتِمَتْ تلك الشفوع الأوائلُ .
ومنه : .
فكّرتُ في الأمر الذي أنا قاصدٌ ... تحصيلَهُ فوجدتهُ لا ينجحُ .
وعلمتُ من نصف الطريق بأنَّ مَن ... أرجوه يقضي حاجتي لا يُفلحُ .
ومنه يلغز في رغيف : .
ومستدير الوجه كالتُّرسِ ... يجلسُ للناس على كُرْسي .
يدخل منه البدرُ حمامَهُ ... وبعدها يخرج كالشمسِ .
يواصل السلطانَ في دستهِ ... واللصَّ في هاوية الحبسِ .
لو غاب عن عنترةٍ ليلةً ... وَهَتْ قوى عنترة العبسي .
ومنه يلغز في القلم : .
ما اسمٌ له في السماءِ فِعلٌ ... والأرضُ فيها له مكانُ .
ينطق بينَ الأنامِ حقًّا ... بِصَمْتِه إذْ لهُ لسانُ .
فاعجبْ له ناطقاً صموتاً ... له على الصمت تَرْجُمانُ .
ومنه : .
من مبلغٌ غبريلَ أنَّ رحيلهُ ... جلب السرورَ وأذهب الأحزانا .
والناسُ من فرط الشماتة خلفهُ ... كسروا القدورَ وأوقدوا النيرانا .
ومنه : .
وأهيفَ يحكي البدرَ طلعةُ وجههِ ... وإن لم يكن في حُسن صورته البدرُ .
خلوتُ به ليلاً يُدير مُدامةً ... وجنحُ الدجى دون الرقيب لنا سِتْرُ .
فلما سرت كأسُ الحُميّا بعِطفِهِ ... ومالت به تيهاً ورنّحه السكرُ .
هممتُ برشف الثغرِ منه فصدّني ... عِذارٌ له في منع تقبيله عُذْرُ .
حَمى ثغرَه المعسولَ نملُ عِذارِه ... ومن عجَبٍ نملٌ يُصانُ به ثغرُ .
الجَزَري