علي بن محمد بن الجَزَري . قال الباخرزي في الدمية : وقع من بعض الجزائر إلى باخَرز فارتبط بها للتأديب وبقي بين كبرائها موفورَ النصيب . وبلغ من الغلوّ في التشيّع مبلغاً حقَّره حتَّى ادَّرع الليل وشمَّر الذيل وشدَّ الأقتاد وطوى البلاد وأقام في مجاورة قبر معاوية بالشام سنةً جرداء يطوف ببنيانه ويتبرَّك باستلام أركانه ووراء تملّقه ذلك أمر وخلل رماده وميض جمر . ولم يزل ينتهز الفرصة حتَّى خلا وجهه يوماً من الأيَّام وانفضَّ عنه بعض أُولئك الأقوام فنفض على القبر عِيابه وأسال فوقه مزرابه وألقى به جبينه وخلط بذي بطنه طينه " فخرج منها خائفاً يترقَّب قال : " ربِّ نجِّني من القوم الظالمين " . وفي هذا المعنى يقول : .
رأيتُ بني الطوامثِ والزواني ... بمقتٍ ينظرون ليَّ شَزْراً .
لأنِّي بالشآم أقمتُ حولاً ... على قبر ابن هندٍ كنتُ أَخرى .
انتهى ما أورده الباخرزي . قلت : أنا رادًّا على هذا الأحمق : .
أتحسب أنَّ ذا يرضي عليًّا ... عليكَ وقد خَرئتَ خُزيتَ شرَّا .
وكيف يكون وجهُك حين تأتي ... غداً ويقال : هذا وجه خَرَّا .
ولكن كان هذا نقصَ عقلٍ ... ودينٍ مَنْ تحرَّى ما تجرَّا .
نور الدين الهمَذاني .
علي بن محمد بن علي بن عبد القادر الشيخ الإمام نور الدين أبو الحسن ابن الإمام كمال الدين أبي عبد الله الهمَذاني . كتب لي في إجازته لي ولأخي إبراهيم ولأختي بواش بخطِّه في سنة ثمانٍ وعشرين وسبع مائة بالقاهرة : .
من بعد حمد الله ذي الإحسان ... ثمَّ الصلاة على الرضِي المنَّانِ .
لهمُ أجزتُ جميع ما لي أن أُرَوِّ ... يَهُ على ما نصَّ أهلُ الشانِ .
وأنا علي بنُ محمد بن عليٍّ ب ... ن الشيخِ عبد القادرِ الهمَذاني .
وإلى تميمٍ نجلِ مُرٍّ نسبتي ... لأبي وأُمِّي قال ذا الجدَّانِ .
ووُلدتُ عام اثني ثمانينَ التي ... بعد المِئينَ الستّ في رمضانِ .
قلت : قوله المنَّان في وصف النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يجوز ؛ فإنَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم يطلب الجزاء على إبلاغ رسالة ربِّه ولم يَمُنُّ على أحدٍ بذلك . كيف وقد قال الله تعالى : " ولا تَمْنُنْ تستكثِر " " بلِ الله يَمُنُّ عليكم أن هداكم للإيمان " .
ابن الرسَّام الشافعي .
علي بن محمد . هو الشيخ علاء الدين أبو الحسن المعروف بابن الرسَّام الشافعي وكيل بيت المال بصفد ومدرّسها . اشتغل أوَّل أمره على شيخنا الشيخ نجم الدين بن الكمال الخطيب بصفد ونزل إلى دمشق واختصّ بالشيخ صدر الدين بن الوكيل بدمشق وبمصر وقرأ عليه وعلى غيره وسمع بمصر ودمشق وصحب الأمير سيف الدين بَكْتَمر الحاجب وتوكَّل له . ولمَّا حضر إلى صفد جاء إليه وأخذ بها تدريس الجامع الظاهري ؛ ثمَّ فيما بعد أخذ وكالة بيت المال . وكان يكتب خطًّا جيِّداً إلى الغاية . والغريب أنه كان يكتب هذه الكتابة المليحة بيده اليسرى ولا يحسن يكتب باليمنى شيئاً . وكان قد حفظ التعجيز ويدري طرفاً جيّداً من العربية وعنده مشاركة في أُصول الدين والفقه . وكان يلثغ في الجيم فيجعلها كافاً يُشِمُّها شيناً معجمة . ولو أكل فستقة عرق لها من فرقه إلى قدمه . وكان متديّناً قليل الشرّ حسن الود والصحبة C تعالى .
وتوفي بصفد في طاعونها في العشر الأواخر من شهر ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وسبع مائة . وكان والده جنديًّا .
الصاحب علاء الدين بن الحرَّاني