وقرأت بخط أبي الحسن بن الإلبيري المقرىء قال : أخبرني عبد الصمد هذا وكتبه لي بخطه قال : أخبرنا أحمد بن نفيس المقرىء بمصر سنة أربع وأربعين وأربع مئة : أن ذا النون بن إبراهيم الأخميمي كان يسافر في كل عام إلى بيت المقدس من مصر فوجده مرة بالرملة رجلا يبيع التمر فقال له : كيف تبيع التمر . فقال : بكذا . وكذا . قال له ذو النون : اجعل لي كذا فقبض منه الثمن . ثم دفع إليه البائع الكيل وقال له : كل لنفسك كما وزنت أنا لنفسي . فلما كان العام الثاني جاء إلى ذلك الرجل فقال له : كيف تبيع التمر قال : بكذا . وكذا . قال : اجعل لي في كذا . فدفع الرجل الميزان إلى ذي النون وقال له زن لنفسك . فقال ذو النون : سبحان الله جئتك في العام الخالي فدفعت إلي الكيل وجئتك في العام فدفعت إلي الميزان ما هذا من أين فعلت هذا ! .
فقال : إنا نجد في التوراة أن العبد إذا بلغ أربعين عاما ومضت عليه سنة ولم يزدد فيها خيرا فلا خير فيه فقلت له أمسلم أنت قال : لا . وقال : هو يهودي . فقال ذو النون : سبحان الله هذا يهودي يعمل بالتوراة ويتعظ بها وأنا لا أتعظ بالقرآن . فكان ذلك سبب توبة ذي النون وانقطاعه إلى الله D .
وهذا الحديث حدثناه أبو محمد بن عتاب عن أبيه قال : أنا أبو عثمان بن سلمة قال : أنا ابن مفرج قال : أنا علي بن جعفر الرازي قال : أنا علي بن جعفر الرازي قال : أنا أبو نصر محمد بن أحمد الأنصاري الحافظ بمصر قال : أنا الفضل بن عبد الله اليشكري قال : نا عبد الله ابن مالك السعدي قال : نا سفيان بن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي A قال : " من أتى عليه أربعون سنة فلم يغلب خيره على شره فليتجهز إلى النار " وتوفي عبد الصمد هذا C بعد سنة خمس وسبعين وأربع مئة .
عبد الصمد بن أبي الفتح بن محمد العبدري . سكن قرطبة يكنى : أبا محمد .
روى عن أبي عمر أحمد بن محمد بن القطان الفقيه وناظر عنده وشاوره القاضي أبو بكر بن أدهم واستكتبه على تقييد أحكامه . وكان : من أهل العلم والفهم والذكاء واليقظة والمعرفة . وتوفي C في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وأربع مئة .
أخبرني بوفاته أبو جعفر الفقيه . وكان مولده سنة سبع وعشرين وأربع مئة .
من اسمه عبد الجبار .
عبد الجبار بن غالب العبدري الأندلسي المالكي يكنى : أبا العباس .
حدث عنه أبو بكر جماهر بن عبد الرحمن وقال : لقيته بمدينة الرسول A . وقرأت عليه جزءا من حديثه عن شيوخه .
عبد الجبار بن عبد الله بن سليمان بن سيد بن أبي قحافة الأنصاري : من أهل المرية وأصله من بطليوس يكنى : أبا محمد .
روى عن أبي العباس العذري وأبي عمر بن عبد البر وغيرهما وأخبرنا عنه جماعة من شيوخنا ووصفوه بالحفظ والمعرفة والنباهة . ثم رحل إلى مكة لأداء الفريضة فزهد في الدنيا . وصار إلى رعي الإبل وتوفي بمكة C .
عبد الجبار بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ ابن المطرف بن الأمير عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد عبد الرحمن الداخل . القرشي المرواني : من أهل قرطبة يكنى : أبا طالب .
روى عن عبد الله بن فرج الفقيه وأبي جعفر بن رزق وأبي القاسم خلف ابن رزق وأبي عبيد البكري وغيرهم . وجمع كتابا حفيلا في التاريخ سماه بكتاب عيون الإمامة ونواظر السياسة . أجازه لنا وما رواه بخطه وقد نقلنا منه مواضع في هذا الجمع . وكان من أهل المعرفة بالآداب واللغة والعربية والشعر ذكيا نبيها وتوفي في شهر رمضان المعظم من سنة ست عشرة وخمسمائة وأنا بإشبيلية . وكان مولده فيما قرأته بخطة في سنة خمسين وأربع مئة .
من اسمه عبد الوهاب .
عبد الوهاب بن منذر : من أهل قرطبة يكنى : أبا عاصم .
كان ناسكا عفيفا منبضا عن الناس كثير الصلاة مذكرا بالله تعالى . وكان قد نظر في شيء من الكلام فاتهم بالإعتزال ونسب إلى مذهب ابن مسرة الجبلي وانحرف عن الفقهاء المالكيين فتكلموا فيه . وكان يؤم بمسجد بدر داخل المدينة . وتوفي في آخر ربيع الأول من سنة ست وثلاثين وأربع مئة ذكره ابن حيان .
عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن حزم . من أهل قرطبة يكنى : أبا المغيرة