ورجل مَعْوُود من مرضه وكل ذلك شاذّ في القياس والاستعمال فلا يسوع القياس عليه ولا ردّ غيره إليه ولا يحسن أيضاً استعماله فيما استعملته فيه إلا على وجه الحكاية .
وأعلم أن الشئ إذا اٌطّرد في الاستعمال وشذّ عن القياس فلا بدّ من اٌتباع السمع الوارد به فيه نفسه لكنه لا يُتّخذ أصلا يقاس عليه غيره ألا ترى انك إذا سمعت استحوذ واستصوب أدّيْتهما بحالهما ولم تتجاوز ما ورد به السمع فيهما إلى غيره ألا تراك لا تقول في استقام اسْتَقْوَم ولا في استساغ اسْتَسْوَغ ولا في استباع اسْتَبْيَع ولا في أعاد أعْود لو لم تسمع شيئاً من ذلك قياساً على قولهم أخْوَص الرِّمْث فإن كان الشئ شاذّا في السماع مطّردا في القياس تحامَيْتَ ما تحامت العرب من ذلك وجَرَيت في نظيره على الواجب في أمثاله من ذلك امتناعك من وَذَر ووَدَع لأنهم لم يقولوهما ولا غرو عليك أن تستعمل نظيرهما نحو وَزَن ووَعَد لو لم تسمعهما فأما قول أبي الأسْوَد .
( لَيْتَ شِعْرِي عن خلِيلي ما الذِي ... غاله في الُحبّ حتى ودَعَه ) .
فشاذّ وكذلك قراءة بعضهم ( ما وَدَعَك رَبُّكَ ومَاَ قلَىَ ) فأما قولهم وَدَع الشئُ يَدع إذا سكن فاٌتّدع فمسمُوعٌ مُتَّبعَ وعليه أُنشد بيت الفَرَزْدَق .
( وعَضُّ زمانٍ يابنَ مَرْوانَ لم يِدَع ... من المال إلاّ مُسْحَتٌ أو مُجَلّفُ ) .
فمعنى لم يدَع بكسر الدال أي لم يتّدع ولم يثبت والجملة بعد زمان في موضع جَّر لكونها صفة له والعائد منها إليه محذوف للعلم بموضعه وتقديره لم يدع فيه