وأعتماد أقواهما ورفض صاحبهِ فإن تساويا في القوّة لم ينكر اعتقادهما جميعا فقد يكون الحكم الواحد معلولا بعلّتين وسنفرد لذلك بابا وعلى هذا معظم قوانين العربية وأمره واضح فلا حاجة بنا إلى الإطالة فيهِ .
ومنها أن يسمع الشئ فيستدلّ به من وجه على تصحيح شئ أو إفساد غيره ويستدلّ به من وجه آخر على شئ غير الأوّل وذلك كقولك ضربتك وأكرمته ونحو ذلك مما يتصل فيهِ الضمير المنصوب بالضمير قبله المرفوعِ فهذا موضع يمكن أن يستدلّ به على شدّة اتصال الفعل بفاعله .
ووجه الدلالة منه على ذلك أنهم قد أجمعوا على أن الكاف في نحو ضرتبك من الضمير المتصل كما أن الكاف في نحو ضربك زيد كذلك ونحن نرى الكاف في ضربتك لم تباشر نفس الفعل كما باشرته في نحو ضربك زيد وإنما باشرت الفاعل الذي هو التاء فلولا أن الفاعل قد مُزِج بالفعل وصِيغ معه حتى صار جزءا من جملتهِ لما كانت الكاف من الضمير المتصل ولاعتُدّت لذلك منفصلة لامتصلة لكنهم أجَروُا التاء التى هي ضمير الفاعل في نحو ضربتُك وإن لم تكن من نفس حروف الفعل مُجرى نون التوكيد التي يبنى الفعل عليها ويضمّ إليها في نحو لأضرِبنّك فكما أنّ الكاف في نحو هذا معتدّة من الضمير المتصل وإن لم تلِ نفس الفعل كذلك الكاف في نحو ضربتك ضمير متصل وإن لم تلِ نفس الفعل .
فهذا وجه الاستدلال بهذة المسالة ونحوها على شدّة اتصال الفعل بفاعله وتصحيحِ القول بذلك