دليل على إرادة اللام في التقطته وأن هذه الضاد بدل من تلك اللام كما أن لام الطجع بدل من ضاد اضطجع : هذا هنا كذلك ثَمَّة .
ونحو من ذلك ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم : لا أكلّمك حيرِي دَهْرٍ بإسكان الياء في الكلام وعن غير ضرورة من الشعر . وذلك أنه أراد : حِيريّ دهر - أي امتداد الدهر وهو من الحَيْرة لأنها مؤذنة بالوقوف والمطاولة - فحذف الياء الأخيرة وبقيت الياء الأولى على سكونها وجعل بقاؤها ساكنة على الحال التي كانت عليها قبل حذف الأخرى من بعدها دليلا على إرادة هذا المعنى فيها وأنها ليست مبنيَّة على التخفيف في أوّل أمرها إذ لو كانت كذلك لوجب تحريكها بالفتح فيقال : لا أكلمك حيريَ دهر كقولك : مُدّة الدهر ( وأبد الأبد ويد المُسْنَد ) و .
( بقاء الوَحْي في الصُمِّ الصِلاب ... ) .
ونحو ذلك . وهذا يدلّ على أن المحذوف من الياءين في قوله : .
( بَكّى بِعينك واكفُ القَطْر ... ابِنَ الحوارِي العاليَ الذكر ) .
إنما هو الياء الثانية في الحواريّ كما أن المحذوف من حِيرِي دهر إنما هو الثانية في حيريّ . فاعرفه .
ومثله إنشاد أبي الحسن : .
( اِرهن بَنيك عنهمُ أَرْهَنْ بَنِي ... )