نحو مررت بزيِد ومررت بالزيدين ونظرت إلى العِشرين فقد وجب إذًا ألاّ يقال هذه عِشْرُوىَ بالواو كما لا يقال هذا غلاُمَي بضمّ الميم فهذه عِلّة غير الاولى في وجوبِ قلب الواو في عِشروى وصاِلُحوىَ ونحو ذلك وان يقال عِشرِىَّ بالياء البتّه كما يقال هذا غلاِمي بكسر الميم البتّه .
ويدلّ على وجوب قلب هذه الواو إلى الياء في هذا الموضع من هذا الوجه ولهذه العلَّة لا للطريق الأوّل من استكراههم إظهار الواو ساكنه قبل الياءِ أنهم لم يقولوا رأيت فاَيَ وإنما يقولون رأيت فيِّ هذا مع أنّ هذه الياء لا ينكر أن تأتي بعد الأِلف نحو رَحَاي وعَصَايَ لِخفَّةِ الأِلف فدلّ امتناعهم من إيقاع الأِلف قبل هذه الياء على أنه ليس طريقة طريق الاستخفاف والاستثقال وإنما هو لاعتزامهم ترك الألف والواوِ قبلها كتركهم الفتحة والضمَّةَ قبل الياءِ في الصحيح نحو غلامِي ودارِي .
فإن قيل فأصل هذا إنما هو لاستثقالهم الياء بعد الضمَّة لو قالوا هذا غلامُي قيل لو كان لهذا الموضع البتّه لفتحوا ما قبلها لأن الفتحة على كل حال أخفّ قبل الياء من الكسرة فقالوا رأيت غلامَي فإن قيل لمّا تركوا الضمّة هنا وهي عَلَم للرفع اتبعوها الفتحه ليكون العمل من موضع واحدٍ كما أنهم لمّا استكرهوا الواو بعد الياء نحو بعد حذفوها ايضا بعد الهمزة والنون والتاء في نحو أَعِد ونِعد وتِعد قيل يَفسُدُ هذا من اوجهٍ وذلك ان حروف المضارعة تجري مجرى الحرف الواحد من حيث كانت كلّها متساوية في جعلها الفعل صالحا لزمانين الحِال والاستقبالِ فإذا وجب في أحدها شىء اتبعوه سائرها وليس كذلك عَلمُ الإعراب ألاترى أن موضوع الإعرابِ على مخالفة بعضه بعضا من حيث كان إِنما جِىء بهِ دالاّ على اختلاف المعاني