فإن قلت فحروف المضارعة أيضا موضوعة على اختلاف معانيها لان الهمزة للمتكلّمِ والنون للمتكلّم إذا كان معه غيره وكذلك بقيَّتها قيل أجَلْ إلا أنها كلها مع ذلك مجتمعة على معنى واحٍد وهو جعلها الفعل صالحا للزمانين على ما مضى فإن قلت فالإعراب ايضا كلّه مجتِمع على جريانِه على حرفِه قيل هذا عمل لفظي والمعانِي أَشرف من الالفاظ .
وايضا فترَكهم إظهار الألِف قبل هذه الياء مع ما يعُتَقد من خِفَّة الالف حتى إنه لم يسمع منهم نحو فاى ولا أَباى ولا أخاى وإنما المسموع عنهم رأيت ابي واخِي وحكى سيبويه كَسَرت فِيَّ ادلُّ دليٍل على انهم لم يراعوا حديث الاستخفافِ والاستثقال حَسْبُ وأنّه أمر غيرهما وهو اعتزامهم الاّ تجئ هذه الياء إلاّ بعد كسرٍة أو ياٍء أو ألٍف لا تكون عَلَما للنصبِ نحو هذه عصاي وهذا مُصَلاّي وعلى ان بعضهم راعي هذا الموضع أيضا فقلب هذه الالف ياء فقال عَصَىَّ ورَحَىَّ ويا بُشْرَىَّ ( هذا غلام ) وقال أبو دُوَادٍ .
( فأبلوني بَلَّيِتكم لَعَلىِّ ... أُصالُحكم واستدِرج نَوَيَّاً )