ومن ذلك استغناؤهم بَلْمحٍة عن مَلْمحة وعليها كسرت مَلامح وِبِشْبٍه عن مَشْبٍه وعليه جاء مَشابه وبليلةٍ عن ليلاةٍ وعليها جاءت ليالٍ وعلى أن ابن الأعرابيّ قد أنَشد .
( في كّل يوم مّا وكّل لَيْلاه ... حتى يقولَ كُّل راء إِذ راه ) .
( يا ويحَه مِن جَمَلٍ ما أشقاه ... ) .
وهذا شاذّ لم يُسمع إلا من هذه الجهة وكذلك استغنوَا بذَكَرٍ عن مِذكار أو مِذكير وعليه جاء مذاكير وكذلك استغنوَا بأيُنق عن أن يأتوا بِه والعين في موضعها فألزموه القلبَ أو الإبدال فلم يقولوا أَنْوُق إلا في شىء شاذّ حكاه الفرّاء وكذلك استغْنوا بقِسِىّ عن قُووُسٍ فلم يأتِ إلا مقلوبا ومن ذلك استغناؤهم بجمع القِلَّة عن جمع الكثرة نحو قولهم أَرْجُل لم يأتوا فيهِ بجمع الكثرة وكذلك شُسُوع لم يأتوا فيِه بجمع القِلّة وكذلك أيّام لم يستعملوا فيه جمع الكثرة فأما جِيِران فقد اتَوا فيه بمثال الِقلَّة أنشَد الأصمعيّ : .
( مذَمَّة الأجوارِ والُحقُوق ... ) .
وذكره أيضا ابن الأعرابيّ فيما أحسب فأمّا دراهم ودنانير ونحو ذلك من الرباعيّ وما أُلحِق بهِ فلا سبيل فيِه إلى جمع القِلّة وكذلك اليد التي هي الِعُضْو قالوا فيها أَيْدٍ البتّة فأمّا أيادٍ فتكسير أيدٍ لا تكسير يٍد وعلى أن أيادٍ أكثر ماتستعمل في النِعم لا في الأعضاء وقد جاءت أيضا فيها أنشد أبو الخَطَّاب : .
( ساءها ما تأمَّلتْ في أيادينا ... وإشناقُها إلى الأعناِق )