لا غير ألا تراك إذا قلت تَمَرات لم يعترض شكّ في أن الواحدة منها تمرة وهذا واضح والعناية إذاً في الحذف إنما هي بإصلاح اللفظ إذ المعنى ناطق بالتاء مقتضٍ لها حاكم بموضعها .
ومن ذلك قولهم إن زيداً لقائم فهذه لام الابتداء وموضعها أوّل الجملة وصدرُها لا آخِرها وعَجزُها فتقديرها أوّلُ لَئِنَّ زيدا منطلق فلمَّا كُرِه تلاقى حرفين لمعنى واحد وهو التوكيد أخِّرت اللام إلى الخبر فصار إن زيدا لمنطلق .
فإن قيل هَلاَّ أخِّرت إنّ وقدّمت اللام قيل لفساد ذلك من أوجهٍ أحدها أنّ اللام لو تقدّمت وتأخّرت إنّ لم يجز أن تنصب إنّ اسَمها الذي مِن عادتها نصبه مِن قِبِل أن لام الابتداء إذا لقيت الاسم المبتدأ قوّت سببه وحَمَت من العوامل جانبه فكان يلزمك أن ترفعه فتقولَ لَزَيدٌ إنَّ قائم ولم يكن إلى نصب زيد وفيه لام الابتداء سبيل ومنها أنك لو تكلَّفت نصبَ زيد وقد أخّرت عنه إنّ لأعملت إنّ فيما قبلها وإنّ لا تعمل أبدا إلا فيما بعدها ومنها أنّ إنّ عاملة واللام غير عاملة والمبتدأ لا يكون إلا اسما وخبره قد يكون جملة وفعلا وظرفا وحرفا فجعلت اللام فيه لأنها غير عاملةّ ومنعت منه إن لأنها لا تعمل في الفعل ولا في الجملة كلّها النصب إنما تعمله في أحد جزأيها ولا تعمل أيضا في الظرف ولا في حرف الجرّ ويدلّ على أنّ موضع اللام في خبر إنّ أول الجملة قبل إن أنّ العرب لَّما جفا عليها اجتماعُ هذين الحرفين قلبوا الهمزة هاء ليزول لفظ إنّ