قولك مررت بزيد وعمرا ورغبتُ فيك وجعفرا ونظرت إليك وسعيدا أفلا ترى إلى حرف الجرّ الموصِّل للفعل كيف قُدِّر تقديرَين مختِلفين لمعنيين مختلفين ووجه جوازه من قِبَل القياس أنك إنما تستنكر اجتماع تقديرين مختِلفين لمعنيين متّفقين وذلك كان تروم أن تدل على قوّة اتصال حرف الجرّ بالفعل فتعتده تارة كالبعض له والأخرى كالبعض للاسم فهذا مالا يجوز مثله لأنه لا يكون كونهُ كبعض الاسم دليلا على شدّة امتزاجه بالفعل لكن لمّا اختلف المعنَيان جاز أن يختلف التقديران فاعرف ذلك فإنه مما يقبله القياس ولا يدفعه .
ومثل ذلك قولهم لا أبالك فههنا تقديران مختلفان لمعنيين مختلفين وذلك أن ثبات الألف في أبا من لا أبالك دليل الإضافة فهذا وجه ووجه آخر أن ثبات اللام وعمَل لا في هذا الاسم يوجب التنكير والفصل فثبات الألف دليل الإضافة والتعريف ووجود اللام دليل الفصل والتنكير وليس هذا في الفساد والاستحالة بمنزلة فساد تحقير مثال الكثرة الذي جاء فساده من قبل تدافُع حاليَه وذلك أنّ وجود ياء التحقير يقتضي كونَه دليلا على القلّة وكونه مثالا موضوعا للكثرة دليل على الكثرة وهذا يجب منه أن يكون الشىء الواحد في الوقت الواحد قليلا كثيرا وهذا ما لا يجوز لأحد اعتقاده .
وليس كذلك تقديرك الباء في نحو مررت بزيد تارة كبعض الاسم وأخرى كبعض الفعل من قَبِل ان هذه إنما هي صناعة لفظية يسوغ معها تنقل