وهذا باب مطَّرِد متقاوِد وقد كنت ذكرت طَرفَا منه في كتابي شرح تصريف أبي عثمان غير أن الطريق ما ذكرت لك فكل ما قيس على كلامهم فهو من كلامهم ولهذا قال مَن قال في العجَّاج ورؤبة إنهما قاسا اللغة و تصرَّفا فيها وأقدما على ما لم يأتِ بهِ مَنْ قَبلهما وقد كان الفرزدق يُلْغز بالأبيات ويأمر بإلقائها على ابن أبي إسحاق .
وحَكَى الكسائيّ أنه سأل بعض العرب عن أحد مطايب الجزُور فقال مَطِيب وضِحك الأعرابيُّ من نفسِه كيف تكلَّف لهم ذلك من كلامه فهذا ضرب من القياس ركبه الأعرابي حتى دعاه إلى الضحك من نفسه في تعاطيه إيّاه .
وذكر أبو بكر أنّ منفعة الاشتقاق لصاحبه أن يسمع الرجل اللفظة فيشكّ فيها فإذا رأى الاشتقاق قابلا لها أنِس بها وزال استيحاشه منها فهل هذا إلا اعتماد في تثبيت اللغة على القياس ومع هذا أنك لو سمعت ظَرُف ولم تسمع يَظْرُف هل كنت تتوقف عن أن تقول يظرف راكبا له غير مستحْيٍ منه وكذلك لو سمعت سلم ولم تسمع مضارعه اكنت ترع او ترتدع أن تقول يسلم قياسا أقوى من كثير من سماع غيره ونظائر ذلك فاشية كثيرة