فكانت مسافر وجوهه ومحاسر أذرعه وسوقه تصف لي ما اشتملت عليه مشاعره وتَحِي إلىّ بما خِيطت عليه أقرابه وشواكله وتريني أن تعريد كل من الفريقين البصريين والكوفيين عنه وتحاميَهم طريق الإلمام به والخوضَ في أدنى أوشاله وخُلُجه فضلاً عن اقتحام غِماره ولُجَجه إنما كان لإمتناع جانبه وانتشار شَعاعه وبادى تهاجر قوانينه وأوضاعه وذلك أنّا لم نر أحداً من علماء البلدين تعرّض لعمل أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه فأما كتاب أصول أبي بكر فلم يلمم فيه بما نحن عليه إلا حرفاً أو حرفين في أوّله وقد تُعلّق عليه به وسنقول في معناه .
على أن أبا الحسن قد كان صنّف في شئ من المقاييس كتيباً إذا أنت قرنته بكتابنا هذا علمت بذاك أنا نبنا عنه فيه وكفيناه كُلْفة التعب به وكافأناه على لطيف ما أولاناه من علومه المسوقة إلينا المفيضة ماء البشر والبشاشة علينا حتى