الميم . فهذا على الحقيقة هو الأصل الأول . فأما ضم ذال منذ فإنما هو في الرتبة بعد سكونها الأول المقدر . ويدلك على أن حركتها إنما هي لالتقاء الساكنين أنه لما زال التقاؤهما سكنت الذال في مُذْ . وهذا واضح . فضمتك الذال إذاً من قولهم : مذُ اليوم ومذُ الليلة إنما هو رد إلى الأصل الأقرب الذي هو ( مُنْذُ ) دون الأبعد المقدّر الذي هو سكون الذال في ( مُنْذُ ) قبل أن يحرك فيما بعده .
ولا يستنكر الاعتداد بما لم يخرج إلى اللفظ لأن الدليل إذا قام على شئ كان في حكم الملفوظ به وإن لم يجر على ألسنتهم استعمالُه ألا ترى إلى قول سيبويه في سُودَد : إنه إنما ظهر تضعيفه لأنه ملحق بما لم يجئ . هذا وقد علمنا أن الإلحاق إنما هو صناعة لفظية ومع هذا فلم يظهر ذاك الذي قدره ملحقا هذا به . فلولا أن ما يقوم الدليل عليه مما لم يظهر إلى النطق به بمنزلة الملفوظ به لما ألحقوا سُرددا ( وسُوددا ) بما لم يفوهوا به ولا تجشموا استعماله .
ومن ذلك قولهم بعت وقلت فهذه معاملة على الأصل الأقرب دون الأبعد ألا ترى أن أصلهَما فعلَ بفتح العين : َبَيَع وقَوَل ثم نِقلا من فَعَل إلى فعِل