ينبغي أن يكون التغيير من أوّله لا من آخره لتجتاز بالحروف وقد رُتّبت على ما يوجبه العمل فيها وما تصير بك الصنعة عليه إليها إلى أن تنتهي كذلك إلى آخرها فتعمل ما تعمله ليرِد اللفظ بك مفروغا منه .
وأمّا وجه عِلّة وجوب الابتداء بالتغيير من الآخِر فمن قِبل أنك إذا أردت التغيير فينبغي أن تبدأ به من أقبل المواضع له . وذلك الموضع آخر الكلمة لا أوّلها لأنه أضعف الجهتين .
مثال ذلك قوله في مثال إوَزَّة من أويت : إيَّاة . وأصلها إئْوَيَة . فإبدال الهمزة التي هي فاء واجب وإبدال الياء التي هي اللام واجب أيضا . فإن بدأت بالعمل من الأوّل صرت إلى إيَويَة ثم إلى إييَية ثم إلى إيّاةٍ . وإن بدأت بالعمل من آخِر المثال صِرت أوّل إلى إئواة ثم إلى إيواةٍ ثم إياةٍ . ففرّقت العمل في هذا الوجه ولم تواله كما واليته في الوجه الأوّل لأنك لم تجد طريقا إلى قلب الواو ياء إلا بعد أن صارت الهمزة قبلها ياء . فلما صارت إلى إيواة أبدلتها ياء فصارت إيَّاة كما ترى .
ومن ذلك قوله في مثال جعفر من الواو : أَوًّى . وأصلها وَوّوُ . وههنا عملان واجبان