الإنشاء لكان أعلى في الرتبة لما اشتهر في العرف من أن لفظ ناظر الديوان أعلى من صاحب الديوان .
قال ابن الطوير وكانوا يلقبونه في الدولة الفاطمية بالديار المصرية كاتب الدست .
قلت وانتهى الأمر إلى أوائل الدولة التركية والحال في ذلك مختلف فتارة يلي الديوان كاتب واحد يعبر عنه بكاتب الدست وربما عبر عنه بكاتب الدرج وتارة يليه جماعة يعبر عنهم بكتاب الدست ويقال إنهم كانوا في أيام الظاهر بيبرس ثلاثة نفر أرفعهم درجة القاضي محي الدين بن عبد الظاهر وبقي الأمر على ذلك إلى أن ولي الديوان القاضي فتح الدين بن عبد الظاهر في أيام المنصور قلاوون على ما تقدم ذكره فلقب بكاتب السر ونقل لقب كاتب الدست إلى طبقة دونه من كتاب الديوان واستمر ذلك لقبا على كل من ولي الديوان إلى زماننا على ما سيأتي ذكره ويضاهيه في ذلك من العرف العام متولي ديوان الإنشاء بدمشق وبحلب وبطرابلس وبحماة وبصفد إلا أنه لا يقال في واحد منهم في مصطلح الديوان صاحب دواوين الإنشاء كما يقال في متولي ديوان الإنشاء بالديار المصرية بل يقال في متولي ديوان دمشق صاحب ديوان الإنشاء بالشام وفي متولي ديوان حلب صاحب ديوان المكاتبات بحلب وكذا في الباقيات أما غزة والكرك والإسكندرية وغيرها من النيابات الصغار فإنما يقال في متولي شيء من دواوينها كاتب درج ولا يطلق عليه كاتب سر بوجه .
واعلم أن العامة يبدلون الباء من كاتب السر بميم فيقولون كاتم السر وهو صحيح المعنى إما لأنه يكتم سر الملك أو من باب إبدال الباء بالميم على لغة ربيعة وإن كانوا لا يعرفون الثاني