الفصل الثاني في صفة صاحب هذا الديوان وآدابه .
قال أبو الفضل الصوري في مقدمة تذكرته يجب أن يكون صبيح الوجه فصيح الألفاظ طلق اللسان أصيلا في قومه رفيعا في حيه وقورا حليما مؤثرا للجد على الهزل كثير الأناة والرفق قليل العجلة والخرق نزر الضحك مهيب المجلس ساكن الظل وقور النادي شديد الذكاء متوقد الفهم حسن الكلام إذا حدث حسن الإصغاء إذا حدث سريع الرضا بطيء الغضب رؤوفا بأهل الدين ساعيا في مصالحهم محبا لأهل العلم والأدب راغبا في نفعهم وأن يكون محبا للشغل أكثر من محبته للفراغ مقسما للزمان على أشغاله يجعل لكل منها جزءا منه حتى يستوعبه في جميع أقسامها ملازما لمجلس الملك إذا كان جالسا وملازما للديوان إذا لم يكن الملك جالسا ليتأسى به سائر كتاب الديوان ولا يجدوا رخصة في الغيبة عن ديوانهم وأن يغلب هوى الملك على هواه ورضاه على رضاه ما لم ير في ذلك خللا على المملكة فإنه يجب أن يهدي النصيحة فيها للملك من غير أن يوجده فيما تقدم من رأيه فسادا أو نقصا لكن يتحيل لنقص ذلك وتهجينه في نفسه وإيضاح الواجب فيه بأحسن تأن وأفضل تلطف وأن ينحل الملك صائب الآراء ولا ينتحلها عليه ومهما حدث من الملك من رأي صائب أو فعل جميل أو تدبير حميد أشاعه وأذاعه وعظمه وفخمه وكرر ذكره وأوجب على الناس حمده عليه وشكره وإذا قال للملك قولا في مجلسه أو بحضرة جماعة ممن يخدمه فلم يره موافقا للصواب فلا يجبهه بالرد عليه واستهجان ما أتى به فإن ذلك خطأ كبير بل يصبر إلى حين الخلوة ويدخل في أثناء كلامه ما يوضح به نهج