ووثبوا عليه مرات ليقتلوه فلم يظفروا بذلك إلى أن حاصر قلاعهم في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة وضيق عليهم فسألوه الصفح عنهم فأجابهم إلى ذلك وبقي راشد الدين سنان مقدما عليهم حتى مات في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة .
قال في مسالك الأبصار وهم يعتقدون أن كل من ملك مصر كان مظهرا لهم ولذلك يتولونه ويرون إتلاف نفوسهم في طاعته لما يتنقل إليه من النعيم الأكبر بزعمهم قال ولصاحب مصر بمشايعتهم مزية يخافه بها أعداؤه لأنه يرسل منهم من يقتله ولا يبالي أن يقتل بعده ومن بعثه إلى عدو له فجبن عن قتله قتله أهله إذا عاد إليهم وإن هرب تبعوه وقتلوه .
قلت وكانوا في الزمن المتقدم يسمون كبيرهم المتحدث عليهم تارة مقدم الفداوية وتارة شيخ الفداوية وأما الآن فقد سموا أنفسهم بالمجاهدين وكبيرهم بأتابك المجاهدين وقد كانت السلاطين في الزمن المتقدم تمنع هؤلاء من مخالطة الناس فلا يخرجون من بلادهم إلى غيرها إلا من رسم له بالخروج لما يتعلق بالسلطان ولا يمكن أحد من التجار من الدخول إلى بلادهم لشراء قماش وغيره وكان يكتب بذلك مراسيم من ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية ويوجه بها لنائب الشام المحروس وسيأتي إيراد شيء من نسخ هذه المراسيم عند ذكر مرسوم أتابكهم في الولايات إن شاء الله تعالى