فيكون ذلك سببا لهلاكه بل ربما وقع في العقوبة وسئل عن حال ملكه فدل عليه وكان عينا عليه لا له .
ومنها أن يكون عارفا بلسان أهل البلاد التي يتوجه إليها ليلتقط ما يقع من الكلام فيما ذهب بسببه ممن يخالطه من أهل تلك المملكة وسكان البلاد العالمين بأخبارها ولا يكون مع ذلك ممن يتهم بممالأة أهل ذلك اللسان من حيث إن الغالب على أهل كل لسان اتحاد الجنس والجنسية علة الضم .
ومنها أن يكون صبورا على ما لعله يصير إليه من عقوبة إن ظفر به العدو بحيث لا يخبر بأحوال ملكه ولا يطلع على وهن في مملكته فإن ذلك لا يخلصه من يد عدوه ولا يدفع سطوته عنه بل ولا يعرف أنه جاسوس أصلا فإن ذلك مما يحتم هلاكه ويفضي إلى حتفه إلى غير ذلك من الأمور التي لا يسع استيعابها فإذا وجد من العيون والجواسيس من هو مستكمل لهذه الشرائط وما في معناها فعليه أن يظهر لهم الود والمصافاة ولا يطلع أحدا منهم في زمن تصرفه له أنه يتهمه ولا أنه غير مأمون لديه فربما أداه ذلك في أضيق الأوقات أن يكون عينا عليه فإن الضرورة قد تلجئه لمثل ذلك خصوصا إن جذبه إلى ذلك جاذب يستميله عنه مع ما هو عليه من الضرورة والضرورة قد تحمل الإنسان على مفاسد الأمور ويجزل لهم الإحسان والبر ولا يغفل تعاهدهم بالصلات قبل احتياجه إليهم ويزيد في ذلك عند توجههم إلى المهمات ويتعهد أهليهم في حضورهم وغيبتهم ليملك بذلك قلوبهم ويستصفي به خواطرهم وإن قضي على من بعثه منهم بقضاء أحسن إلى من خلفه من أهله وجعل لهم من بعده من الإحسان ما كان يجعله له إذا ورد بنفسه عليه ليكون ذلك داعيا لغيره على النصيحة وإن قدر أن عاد منهم أحد غير ظافر بقصد أو حاصل على طلبة وهو ثقة فلا يستوحش منه بل يوليه الجميل ويعامله بالإحسان فإنه إن لم ينجع المرة نجع الأخرى وعليه أن يحترز عن أن تعرف جواسيسه بعضهم بعضا لا سيما عند التوجه للمهمات وإن استطاع أن لا يجعل بينه وبينهم واسطة فعل وإن لم يمكنه ذلك جعل