النوع الثاني ما تشترك فيه الهدن الواقعة بين أهل الكفر والإسلام وعقود الصلح الجارية بين زعماء المسلمين وهي ضربان .
الضرب الأول الشروط العادية التي جرت العادة أن يقع الاتفاق عليها بين الملوك في كتابة الهدن خلا ما تقدم .
وليس لها حد يحصرها ولا ضابط يضبطها بل بحسب ما تدعو الضرورة إليه في تلك الهدنة بحسب الحال الواقع .
فمن ذلك أن يشترط عليه أن يكون لوليه مواليا ولعدوه معاديا ولمسالمه مسالما ولمحاربه محاربا ولا يواطيء عليه عدوا ولا يوقع عليه صلحا ولا يوافق على ما يقدح في أمره ولا يقبل سؤال سائل ولا بذل باذل ولا رسالة مراسل مما يخالف الاتفاق الجاري والأخذ على يد من سعى في نقض الصلح ونكث العهد إن كان من أهل طاعته والمقاتلة إن كان من المخالفين له وأنه إذا جنى من أهل مملكتهم جان كان عليه إحضاره أو الأخذ منه بالجناية .
ومن ذلك أن يشترط عليه أن يكف عن بلاده وأعماله ومتطرف ثغوره وشاسع نواحيه أيدي الداخلين في جماعته والمنضمين إلى حوزته ولا يجهز لها جيشا ولا يحاول لها غزوا ولا يبدأ أهلها بمنازعة ولا يشرع لهم في مقارعة ولا يتناوبهم بمكيدة ظاهرة ولا باطنة ولا يعاملهم بأذية جلية ولا خفية ولا يطلق لأحد ممن ينوب عنه في إمارة جيشه ومن ينسب إلى جملته ويتصرف على إرادته عنانا إلى شيء من ذلك بوجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب وأن لا يجاوز حدود مملكته إلى المملكة الأخرى بنفسه ولا بعسكر من عساكره .
ومن ذلك أن يشترط عليه أن يفرج عمن هو في حوزته ممن أحاطت به