إصراره بالقدر لأنه لو كان القدر حجة لإبليس وفرعون وسائر الكفار وأيضا فأدم وموسى أعلم بالله من أن يحتج أحدهما على فعل المعصية بالقدر ويقبله الآخر إذ لا تلبس لآدم بمعصية حال الاحتجاج وأيضا فلو كان ذلك مقبولا لكان لإبليس الحجة بذلك أيضا وكان لفرعون الحجة على موسى بذلك أيضا وكذلك سائر الكفار .
وأعلم أن موسى عليه السلام لم يلم آدم على ذنبه الذي تاب منه فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له وموسى أعلم بالله من أن يلوم تائب فكيف بأبيه آدم الذي تاب الله عليه واجتباه وإنما لامه لأجل ما لحق الذرية من المصيبة المستمرة والمصيبة تقتضي نوع من الجزع يقتضي لوم من كان سببها كما يلام من أوقع أصحابه في مشقة ولهذا لم يقل له موسى لماذا أكلت من الشجرة وإنما قال له لماذا أخرجتنا ونفسك في الجنة وهذا اللفظ قد روي في بعض طرق الحديث وإن لم يكن في جميعها فهو مبني لما وقعت عليه الملامة فتأمل فظهر بما تقرر أن احتجاج آدم على موسى بالقدر وأنه حج موسى به ليس هو على معنى ما يتوهمه الإباحية والزنادقة بل على المعنى المتقدم الظاهر لكل مسلم مسلك .
الجواب الثالث