وما اشاروا إليه فى ذلك فهو يناقض مذهبهم في إدراك القوة الوهمية لما تدركه من المعنى الذى يوجب نفره الشاة من الذئب فإنه لا محالة غير متجزئ وإن كانت لا تدركه إلا إدراكا جزئيا أى بحسب شكل شكل وصورة صورة ومع ذلك فهى نفسها لا تدرك الا بآلة جرمانية ولهذا قضى بفواتها عند فوات البدن فما هو الاعتذار لهم ايضا في إدراك القوة الوهمية بالآلة الجرمانية لما ليس بمتجزئ هو اعتذارنا في إدراك ما ندركه مما ليس بمتجزئ .
ثم كيف ينكر كون النفس مادية ممكنة مع ما عرف من أصلهم أن جهة الامكان لا تقوم إلا بمادة والنفس ممكنة الوجود ولا محالة فإذا قد ظهر امتناع دلالة العقل على بقاء النفس بعد فوات البدن .
ثم ولو قدر بقاؤها بعد فوات البدن عقلا كما ثبت ذلك سمعا بقوله ولا تحسبن الذين قتلوا الأية وقوله عليه السلام إن أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر معلقة تحت العرش وقد بان لها من النعيم والألم بعد المفارقة نحو ما تخيلوه فليس بمستبعد عقلا ولا شرعا إذ ليس فيه تناقض عقلى ولا محذور شرعى والأمر فيه قريب والخطب فيه يسير وإنما الداهية الدهياء والمصيبة الطخياء استنهاك جانب الشرع المنقول والرد لما جاء به الرسول من حشر الأجساد وما أعد لها من النعيم والألم في المعاد