وإنكار الجمع في الشقاء والنعيم بين الجسمية والروحانية من غير دليل عقلى ولا نقل سمعى استند اليه من أنكر بعث الأجساد وأحكامها في المعاد فمبنى على فاسد اصلهم في القول بالقدم وقد أبطلناه بما فيه كفاية .
وأما التناسخية .
فقد سلكت الفلاسفة في الرد عليهم مسلكا وهو انهم قالوا كل بدن فإنه مستحق لذاته نفسا تدبره وتنظر فى أحواله وتوجد عند وجوده بشوق جبلى وميل طبيعى على نحو ميل الحديد إلى المغناطيس فلو صح التناسخ وانتقال نفس من بدن إلى بدن لأدى إلى اجتماع نفسين في بدن واحد وهى النفس التى يستحقها لذاته والنفس التى انتقلت إليه من غيره وذلك محال فإن الواحد منا لا يشعر بأن له أكثر من واحدة وهى المدبرة له فلو كان لنا نفسان لقد كنا نشعر بهما وبتدبير كل واحدة منهما فإنه لا معنى لوجود النفس في البدن إلا أنها مدبرة له ومشغولة بالنظر في أحواله لا بمعنى أنها فيه منطبعة على نحو انطباع الأعراض في الأجسام .
وهو غير سديد فإن البدن وإن استحق لذاته نفسا فاجتماع نفسين فيه إنما يلزم أن لو كان ما يستحقه يجب أن يكون بدء وجوده مع وجوده غير منتقل إليه من بدن آخر وذلك مما لا يسلمه الخصم بل له أن يقول البدن وان استحق لذاته نفسا تدبره فلا مانع