أنه لا يكون منه ما هو ممتنع الكون لنفسه وذلك كاجتماع الضدين وكون الشئ الواحد في آن واحد في مكانين ونحوه ومنه ما هو ممتنع الكون لا باعتبار ذاته بل باعتبار أمر خارج وذلك مثل وجود عالم آخر وراء هذا العالم أو قبله فما كان من القسم الأول فهو لا محالة غير مقدور من غير خلاف وما كان من القسم الثانى وهو أن يكون ممتنعا لا باعتبار ذاته بل باعتبار تعلق العلم بأنه لا يوجد أو غير ذلك فهو لا محالة ممكن باعتبار ذاته كما سلف والممكن من حيث هو ممكن لا ينبو عن تعلق القدرة به والقدرة من حيث هي قدرة لا يستحيل تعلقها بما هو في ذاته ممكن إذا قطع النظر عن غيره إذ الممكن من حيث هو ممكن لا ينبو عن تعلق القدرة به والقدرة من حيث هى قدرة لا تتقاصر عن التعلق به لقصور فيها ولا ضعف .
فعلى هذا الممكن صالح أن تتعلق به القدرة من حيث هو كذلك ولا معنى لكونه مقدورا غير هذا وإطلاق اسم المقدور عليه بالنظر إلى العرف وإلى الوضع باعتبار هذا المعنى غير مستبعد وإن كان وجوده ممتنعا باعتبار غيره وأما إن أريد به أنه غير مقدور بمعنى أنه يلزم منه المحال باعتبار أمر خارج أو أنه لم تتعلق به القدرة بمعنى أنها لم تخصصه بالوجود بالفعل فهو وإن كان مخالفا للاطلاق فلا مشاحة فيه إذ المنازعة فيه لا تكون إلا في إطلاق اللفظ لا في نفس المعنى والله ولى التوفيق