لأجله والصلاة والصوم وإن كانتا لا بد لهما من مال كثوب يستر عورته وطعام يقيم بنيته فإن ذلك ليس لأجلهما بمعنى أنه لولاهما لم يفعله ولذا لم يجعل المال من شروطهما وجعل من شروطه وأيضا فإن المال فيهما يسير لا مشقة في إنفاقه بخلاف المال في حج الآفاقي فإنه كثير فناسب أن يكون مقصودا في العبادة ولذا وجب دفعه إلى النائب عند العجز الدائم عن الأفعال ولم يجب الحج على الفقير القادر على المشي ووجبت الصلاة والصوم على العاجز عن الساتر والسحور هذا ما ظهر لي فافهم .
قوله ( بفتح الحاء وكسرها ) بهما قرىء في السبع وقيل الأول الاسم والثاني المصدر ط على المنح و النهر .
قوله ( كما ظنه بعضهم ) هو الزيلعي تبعا لإطلاق كثير منكتب اللغة ونقل في الفتح تقييده بالمعظم عن ابن السكيت وكذا قيده به السيد الشريف في تعريفاته وكذا في الاختيار .
قوله ( وشرعا زيارة الخ ) اعلم أنهم عرفوه بأنه قصد البيت لأداء ركن من أركان الدين ففيه معنى اللغة واعترضهم في الفتح بأن أركانه الطواف والوقوف ولا وجود للمتشخص إلا بأجزائه المشخصة وماهيته الكلية منتزعة منها وتعريفه بالقصد لأجل الأعمال مخرج لها عن المفهوم اللهم إلا أن يكون تعريفا اسميا غير حقيقي فهو تعريف لمفهوم الاسم عرفا لكن فيه أن المتبادر من الاسم عند الإطلاق هو الأعمال المخصوصة لا نفس القصد المخرج لها عن المفهوم مع أنه فاسد في نفسه فإنه لا يشمل الحج النفل والتعريف إنما هو للحج مطلقا كتعريف الصلاة والصوم وغيرهما لا للفرض فقط ولأنه حينئذ يخالف سائر أسماء العبادات فإنها أسماء للأفعال كالصلاة للقيام والقراءة الخ والصوم للإمساك الخ والزكاة لأداء المال فليكن الحج أيضا عبارة عن الأفعال الكائنة عند البيت وغيره كعرفة اه .
ملخصا .
فعدل الشارح عن تفسير الزيلعي الزيارة بالقصد إلى تفسيرها بالطواف والوقوف تبعا للبحر ليكون اسما للأفعال كسائر أسماء العبادات ولما ورد عليه أن يكون قوله بفعل مخصوص حشوا إذ المراد به كما قالوا هو الطواف والوقوف تخلص عنه بتفسيره بأن يكون محرما الخ .
قيل ولا يخفى ما فيه لأنه يلزم عليه إدخال الشرط أي الإحرام في التعريف فلو أبقى الزيارة على معناها اللغوي وهو الذهاب وفسر الفعل المخصوص بالطواف والوقوف لكان أولى اه .
وفيه أن الزيارة أيضا ليست ماهيته الحقيقية فيرد ما مر في تفسيره بالقصد على أن الإحرام وإن كان شرطا ابتداء فهو في حكم الركن انتهاء كما سيصرح به الشارح ولو سلم فذكر الشرط لا يخل بالتعريف بل لا بد منه لأنه لا يتحقق المعنى الشرعي بدونه كمن صلى بلا طهارة ولذا ذكروا النية في تعريف الزكاة والصوم فافهم .
والتحقق أن تفسيره بالقصد لا يخرجه عن نظائره من أسماء العبادة لأن المراد بالقصد هنا الإحرام وهو عمل القلب واللسان بالنية والتلبية أو ما يقوم مقام التلبية من تقليد البدنة مع السوق كما سيأتي فيكون عمل الجوارح أيضا ولأن قوله بفعل مخصوص الباء فيه للملابسة والمراد به الطواف والوقوف فهو قصد مقترن بهذه الأفعال لا مجرد القصد فلم يخرج عن كونه فعلا مخصوصا كسائر أسماء العبادات نعم فرقوا بين الحج وسائر أسماء العبادات حيث جعلوا القصد فيه أصلا والفعل تبعا وعكسوا في غيره لأن الشائع في المعاني الاصطلاحية المنقولة عن المعاني اللغوية أن تكون أخص من اللغوية لا مباينة لها .
ولما كان الحج لغة هو مطلق القصد إلى معظم خصصوه بكونه قصدا إلى معظم معين بأفعال معينة ولو جعل اسما للأفعال المعينة أصالة لباين المعنى اللغوي المنقول عنه