$ مطلب في المقبوض على سوم الشراء $ قلت وبيان ذلك أن المساوم إنما يلزمه الضمان إذا رضي بأخذه بالثمن المسمى على وجه الشراء فإذا سمى الثمن البائع وتسلم المساوم الثوب على وجه الشراء يكون راضيا بذلك كما أنه إذا سمى هو الثمن وسلم البائع يكون راضيا بذلك فكأن التسمية صدرت منهما معا بخلاف ما إذا أخذه على وجه النظر لأنه لا يكون ذلك رضا بالشراء بالثمن المسمى .
قال في القنية سم عن أبي حنيفة قال له هذا الثوب لك بعشرة دراهم فقال هاته حتى أنظر فيه أو قال حتى أريه غيري فأخذه على هذا وضاع لا شيء عليه ولو قال هاته فإن رضيته أخذته فضاع فهو على ذلك الثمن ا ه .
قلت ففي هذا وجدت التسمية من البائع فقط لكن لما قبضه المساوم على وجه الشراء في الصورة الأخيرة صار راضيا بتسمية البائع فكأنها وجدت منهما أما في الصورة الأولى والثانية فلم يوجد القبض على وجه الشراء بل على وجه النظر منه أو من غيره فكأنه أمانة عنده فلم يضمنه .
ثم قال في القنية ط .
أخذ منه ثوبا وقال إن رضيته اشتريته فضاع فلا شيء عليه وإن قال إن رضيته أخذته بعشرة فعليه قيمته ولو قال صاحب الثوب هو بعشرة فقال المساوم هاته حتى أنظر إليه وقبضه على ذلك وضاع لا يلزمه شيء .
قلت ووجهه أنه في الأول لم يذكر الثمن من أحد الطرفين فلم يصح كونه مقبوضا على وجه الشراء وإن صرح المساوم بالشراء وفي الثاني لما صرح بالثمن على وجه الشراء صار مضمونا وفي الثالث وإن صرح البائع بالثمن لمن المساوم قبضه على وجه النظر لا على وجه الشراء فلم يكن مضمونا وبهذا ظهر الفرق بين المقبوض على سوم الشراء والمقبوض على سوم النظر فافهم واغتنم تحقيق هذاالمحل .
قوله ( مضمون بالقيمة ) أي إذا هلك أما إذا استهلكه فمضمون بالثمن كما حققه الطرسوسي وإن رده في البحر بأنه غير صحيح لما في الخانية إذا أخذ ثوبا على وجه المساومة بعد بيان الثمن فهلك في يده كان عليه قيمته وكذا لو استهلكه وارث المشتري بعد موت المشتري ا ه .
قال والوارث كالمورث فقد أجاب في النهر بقوله لا نسلم إنه غير صحيح إذ الطرسوسي لم يذكره تفقها بل نقلا عن المشائخ صرح به في المنتقى .
وعلله في المحيط بأنه صار راضيا بالمبيع حملا لفعله على الصلاح والسداد وعزاه في الخزانة أيضا إلى المنتقى غير أنه قال في القياس تجب القيمة ا ه .
كلام النهر .
قلت وما نقله في البحر عن الخانية لا دلالة فيه على ما يدعيه بل فيه ما ينافيه لأن قوله وكذا لو استهلكه وارث المشتري يفيد أنه لو استهلكه المشتري نفسه كان الواجب الثمن لا القيمة .
ووجهه أيضا ظاهر لما علمته من تعليل المحيط .
والفرق بينه وبين استهلاك الوارث أن العاقد هو المشتري فإذا استهلكه كان راضيا بإمضاء عقد الشراء بالثمن المذكور بخلاف ما إذا استهلكه وارثه لأن الوارث غير العاقد بل العقد انفسخ بموته فبقي أمانة في يد الوارث فيلزمه القيمة دون الثمن فقوله في البحر والوارث كالمورث غير مسلم .
ثم رأيت الطرسوسي نقل عن المنتقى ما يفيد ذلك وهو قوله ولو قال البائع رجعت عما قلت أو مات أحدهما قبل أن يقول لمشتري رضيت انتقض جهة البيع فإن استهلكه المشتري بعد ذلك فعليه قيمته كما في حقيقة البيع لو انتقض يبقى المبيع في يده مضمونا فكذا هنا ا ه .
فهذا صريح بانفساخ العقد بموته فكيف يلزم الوارث الثمن باستهلاكه فافهم واغتنم .
قوله ( بالغة ما بلغت ) رد على الطرسوسي حيث قال وظاهر كلام الأصحاب أنها تجب بالغة ما بلغت ولكن ينبغي أن يقال لا يزاد بها على المسمى كما في الإجارة الفاسدة .
قال في النهر وفيه نظر بل ينبغي أن تجب بالغة ما بلغت وقد صرحوا