وسيأتي بيان هذه المسائل آخر الباب .
قوله ( والبيوع الفاسدة الخ ) تبع فيه البحر عن البناية وفيه نظر فإن كثيرا من البيوع الفاسدة ليس فيه فضل خال عن عوض كبيع ما سكت فيه عن الثمن وبيع عرض بخمر أو بأم ولد فتجب القيمة ويملك بالقبض وكذا بيع جذع من سقف وذراع من ثوب يضره التبعيض وثوب من ثوبين والبيع إلى النيروز ونحو ذلك مما سبب الفساد فيه الجهالة أو الضرر أو نحو ذلك نعم يظهر ذلك في الفساد بسبب شرط فيه نفع لأحد المتعاقدين مما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ويؤيد ذلك ما في الزيلعي قبيل باب الصرف في بحث ما يبطل بالشرط الفاسد حيث قال والأصل فيه أن كل ما كان مبادلة مال بمال يبطل بالشروط الفاسدة لا ما كان مبادلة مال بغير مال أو كان من التبرعات لأن الشروط الفاسدة من باب الربا وهو يختص بالمعاوضة المالية دون غيرها من المعاوضات والتبرعات لأن الربا هو الفضل الخالي عن العوض وحقيقة الشروط الفاسدة هي زيادة ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه فيكون فيه فضل خال عن العوض وهو الربا بعينه ا ه ملخصا .
قوله ( فيجب رد عين الربا لو قائما لا رد ضمانه الخ ) يعني وإنما يجب رد ضمانه لو استهلكه وفي هذا التفريع خفاء لأن المذكور قبله أن البيع الفاسد من جملة الربا وإنما يظهر لو ذكر قبله أن الربا من جملة البيع الفاسد لأن حكم البيع الفاسد أنه يملك بالقبض ويجب رده لو قائما ورد مثله أو قيمته لو مستهلكا .
$ مطلب في الإبراء عن الربا $ وذكر في البحر عن القنية ما حاصله أن شيخ صاحب القنية أفتى فيمن كان يشتري الدينار الرديء بخمسة دوانق ثم أبرأه غرماؤه عن الزائد بعد الاستهلاك بأنه يبرأ ووافقه بعض علماء عصره واستدل له بقول البزدوي إن من جملة صور البيع الفاسد جملة العقود الربوية يملك العوض فيها بالقبض وخالفه بعضهم قائلا إن الإبراء لا يعمل في الربا لأن رده لحق الشرع وأيد صاحب القنية الأول بأن الزائد إذا ملكه القابض بالقبض واستهلكه وضمن مثله فلو لم يصح الإبراء ولزمه رد مثل ما استهلكه لا يرتفع العقد السابق بل يتقرر مفيدا للملك في الزائد فلم يكن في رده فائدة نقض عقد الربا ليجب حقا للشرع لأن الواجب حقا للشرع رد عين الربا لو قائما لا رد ضمانه ا ه .
واستحسنه في النهر .
قلت وحاصله أن فيه حقين حق العبد وهو رد عينه لو قائما ومثله لو هالكا وحق الشرع وهو رد عينه لنقض العقد المنهي شرعا وبعد الاستهلاك لا يتأتى رد عينه فتعين رد المثل وهو محض حق العبد ويصح إبراء العبد عن حقه فقول ذلك البعض إن الإبراء لا يعمل في الربا لأن رده لحق الشرع إنما يصح قبل الاستهلاك والكلام فيما بعده .
ثم اعلم أن وجوب رد عينه لو قائما فيما لو وقع العقد على الزائد أما لو باع عشرة دراهم بعشرة دراهم وزاده دانقا وهبه منه فإنه لا يفسد العقد كما يأتي بيانه قريبا .
قوله ( خرج مسألة صرف الجنس بخلاف جنسه ) كبيع كر بر وكر شعير بكري بر وكري شعير فإن للثاني فضلا على الأول لكنه غير خال عن العوض لصرف الجنس لخلاف جنسه والممنوع فضل المتجانسين .
قوله ( بمعيار شرعي ) متعلق بمحذوف صفة لفضل أو حال منه ولو أسقط هذا القيد لشمل التعريف ربا النساء ويمكنه الاحتراز عن الذرع والعد بالتصريح بنفيه .
قوله ( فليس الذرع والعد بربا ) أي بذي ربا أو بمعيار ربا فهو على حذف مضاف أو الذرع والعد بمعنى المذروع والمعدود أي لا يتحقق فيهما ربا