أقول والحاصل أنه اضطرب كلامهم في مسألة العمل بالخط ولعله مبني على اختلاف الرواية أو أن فيه قولين كما يشعر به التعبير بلفظ قالوا كما قدمناه والذي قدمناه عن البحر يفيد أن عامة علمائنا على عدم العلم بالخط وأشار العلامة البيري إلى أن قولهم لا يعتمد على الخط ولا يعمل بمكتوب الوقف الذي عليه خطوط القضاة الماضين الخ يستثنى منه ما وجده القاضي في أيدي القضاة الماضين وله رسوم في دواوينهم ويشير إليه ما قاله في الإسعاف من أن ذلك استحسان واستثنى أيضا في الأشباه تبعا لما في قاضيخان والبزازية وغيرهما خط السمسار والبياع والصراف وجزم به في البحر وكذا في الوهبانية وحققه ابن الشحنة وكذا الشرنبلالي في شرحها وأفتى به المصنف ونسبه العلامة البيري إلى غالب الكتب قال حتى المجتبى حيث قال وأما خط البياع والصراف والسمسار فهو حجة وإن لم يكن معنونا ظاهرا بين الناس وكذلك ما يكتب الناس فيما بينهم يجب أن يكون حجة للعرف ا ه .
وفي خزانة الأكمل صراف كتب على نفسه بمال معلوم وخطه معلوم بين التجار وأهل البلد ثم مات فجاء غريم يطلب المال من الورثة وعرض خط الميت بحيث عرف الناس خطه حكم بذلك في تركته إن ثبت أنه خطه وقد جرت العادة بين الناس بمثله حجة ا ه ما قاله البيري .
ثم قال بعده قال العلامة العيني والبناء على العادة الظاهرة واجب فعلى هذا إذا قال البياع وجدت في يار كاري أي دفتر بخطي أو كتبت يار كاري بيدي أن لفلان علي ألف درهم كان هذا إقرارا ملزما إياه .
قلت ويزاد أن العمل في الحقيقة إنما هو بموجب العرف لا بمجرد الخط والله تعالى أعلم وأقره الشارح في باب كتاب القاضي إلى القاضي حيث قال وفي الأشباه لا يعمل بالخط إلا في مسألة كتاب الأمان ويلحق به البراءات ودفتر بياع وصراف وسمسارا الخ $ مطلب في العمل بالدفاتر السلطانية $ وكتب سيدي نقلا عن المحقق هبة الله البعلي في شرحه على الأشباه ما نصه تنبيه مثل البراءات السلطانية الدفتر الخاقاني المعنون بالطرة السلطانية فإنه يعمل به وللشارح رسالة في ذلك حاصلها بعد أن نقل ما هنا من أنه يعمل بكتاب الأمان .
ونقل جزم ابن الشحنة وابن وهبان وبالعمل بدفتر الصراف والبياع والسمسار لعلة أمن التزوير كما جزم به البزازي والسرخسي وقاضيخان وأن هذه العلة في الدفاتر السلطانية أولى كما يعرفه من شاهد أحوال أهاليها حين نقلها إذ لا تحرر أولا إلا بإذن السلطان ثم بعد اتفاق الجم الغفير على نقل ما فيها من غير تساهل بزيادة أو نقصان تعرض على المعين لذلك فيضع خطه عليها ثم تعرض على المتولي لحفظها المسمى بدفتر أميني فيكتب عليها ثم تعاد أصولها إلى أمكنتها المحفوظة بالختم فالأمن من التزوير مقطوع به وبذلك كله يعلم جميع أهل الدولة والكتبة فلو وجد في الدفاتر أن المكان الفلاني وقف على المدرسة الفلانية مثلا يعمل به من غير بينة وبذلك يفتي مشايخ الإسلام كما هو مصرح به في بهجة عبد الله أفندي وغيرها فليحفظ ا ه .