القسم الأوّل: فلسفة الحجّ ودوره الحياتي 1 ـ الحجّ وتحقيق هدف الأنبياء (عليهم السلام) من الملاحظ لكلّ متأمّل في النصوص الإسلامية أنّها تربط تماماً بين الحجّ ومسيرة الأنبياء: وأهدافهم بشتّى أنواع الربط. فنحن نجد هذه النصوص تصرّح ـ مثلاً ـ بأنّ الحجّ منسكٌ قام به الأنبياء: فشكّل سُنّةً لهم. وجاء في الرواية عن الإمام الرضا (عليه السلام): «فإنْ قال: فلِمَ جعل وقتها عشر ذي الحجّة ولم يقدّم ولم يؤخّر؟ قيل: لأنّ الله تعالى أحبّ أنْ يُعبد بهذه العبادة في أيّام التشريق، وكان أوّل ما حجّت لله الملائكة وطافت به في هذا الوقت، فجعله سُنّةً ووقتاً إلى يوم القيامة. فأمّا النبيّون: آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلّى الله عليه وعليهم أجمعين، وغيرهم من الأنبياء (عليهم السلام) إنّما حجّوا في هذا الوقت فجُعلت سُنّةً في أولادهم إلى يوم القيامة...» الحديث ([1]). وروى العيّاشي في تفسيره، عن الحلبي قال: سُئل أبو عبد الله عليه السلام عن البيت أكان يُحجّ قبل أنْ يُبعث النبي (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: «نعم، وتصديقه في القرآن قول شُعيب (عليه السلام) حين قال لموسى (عليه السلام) حيث تزوج: (على أنْ تأجرني ثماني حجج) ([2]) ولم يقل: ثماني سنين. وأنّ آدم ونوحاً (عليهما السلام) حجّا، وسليمان بن داود (عليهما السلام) قد حجّ البيت بالجنّ والإنس والطير