2 ـ قداسة الحرم وأمنه وآثارهما الاجتماعيّة والسياسيّة تمهيد: إنّ انتساب الحرم لله تعالى انتساباً مباشراً منحه هاتين الصفتين المهمَّتين: (القداسة والأمان). وقد أكدّت ذلك الآيات القرآنيّة والروايات الشريفة، والأحكام التي يختصّ بها. ونحن نجد أنّ هذه القداسة والأمان قد لازمتا هذه البقعة من الأرض منذ وُجِد في الأرض ديّار، وهي حقيقة أكّدتها الروايات مباشرة وكشفت عنها هذه النظرة التقديسيّة التي تمتّعت بها لدى الاُمم جميعاً، وهو ما نلاحظه في ما يأتي بكلّ إجمال. أمّا القرآن الكريم فيؤكّد ذلك في آيات كثيرة، من قبيل قوله تعالى: (وإذْ جعلنا البيت مثابة للنّاس وأمناً واتخذوا من مقام إبراهيمَ مصلّى وعهدنا إلى إبراهيمَ وإسماعيلَ أنْ طهّرا بيتي للطّائفين والعاكفين والركّع السّجود * وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فاُمتّعه قليلاً ثمَّ أضطرّه إلى عذاب النّار وبئس المصير) ([70]). وقوله تعالى: (فيه آياتٌ بيّنات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً) ([71]). وقوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبنيَّ أنْ نعبد الأصنام) ([72]). وقوله تعالى: (أولم نمكّن لهم حرماً آمناً يُجبى إليه ثمرات كلّ شيء رزقاً من لدنّا