كلّ رجل على وجهه، وأخذوا المدينة... وأحرقوا المدينة بالنار مع ما بها..»!! وجاء في الكتاب الخامس من الزبور «إذا أدخلك ربّك في أرض لتملكها وقد أباد أُمماً كثيرة من قبلك، فقاتلهم حتّى تفنيهم عن آخرهم، ولا تعطهم عهداً، ولا تأخذك عليهم شفقة أبداً»! وفي تعاليم السيد المسيح (عليه السلام) أيضاً نجد ما تقرّ بالجهاد من أجل نشر العقيدة، حيث جاء في الإصحاح العاشر من إنجيل «متى» على لسان السيد المسيح (عليه السلام) قال: «لا تظنّوا إنّي جئت لألقي سلاماً على الأرض، ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً..». وما نُسب للسيد المسيح من أقوال يفهم منها أنّ النصرانية حرّمت الحرب، كقوله: «لا تقاوموا الشرّ» و«من لطمك على خدّك الأيمن فحوّل له الآخر» وقوله للقدّيس بطرس: «أعد سيفك إلى مكانه» وهي معارضة للأولى، فقد وجّهها اللاهوتيون المسيحيون ـ كالقدّيس أوغسطين ـ بأنّ المسيح قد أباح الحرب الدفاعية وحرّم غيرها، وهي حرب مشروعة، وأطلقوا عليها اسم «الحرب العادلة» أو «الحرب المقدّسة». لكن اهتمام الإسلام والمسلمين بهذه القضية كان ذا بُعد اكبر وأعمق، نظراً للظروف والزمان الذي عاشوه وصادفوه من تكالب القوى العظمى وأذنابهم عليهما، فكان من الطبيعي أن يولوه اهتماماً يتناسب وحجم الخطورة التي تعرّضوا لها منذ تأسيس دولة الإسلام، وقيام حضارته وانتشارها في ربوع الأرض وحتّى الساعة الحاضرة. لقد أصاب الأمم الذهول والدهشة ممّا برز من الإسلام من انتصارات متواصلة وسريعة حتّى استطاع أن يدقّ أبواب فيينا، ويعبر المحيط الأطلسي غرباً، ووصلت أصداؤه إلى حدود الصين شرقاً، في فترة زمنية قياسية، وجرّاء ذلك، فليس غريباً أن يتأثّر أبناء تلك الأُمم المجاورة والبعيدة بهذه الرسالة الكريمة المفعمة بالنشاط والعقيدة السليمة التي وجدوها تخاطب فطرتهم المودعة في أعماقهم من قبل أن تخاطب عقولهم، وبما يحمل من أفكار جذّابة للقلوب والنفوس، فضلاً عمّا يبشّر به من تعاليم عقلانية وواقعية جداً، ويدعو إلى تهذيب الأخلاق والسلوك.. كلّ ذلك جعل من الإسلام أُنشودة تطلقها كل أفواه المحرومين في العالم. ويقيناً ستشير هذه الأفكار والخصائص حفيظة الساسة وأصحاب القرارات العليا في بلدان العالم الآخر، فلم تكن لهم وسيلة دفاعية غير الحرب، واتّخاذ إستراتيجية البدء بتدمير العدوّ قبل أن