وجاء في كتاب «المزارات»[384] للسخاوي، أنّ السلطان الناصر محمد بن قلاوونأمر سنة 752 هـ أن يتولّى النظارة على المشهد النفيسي الخلفاء العباسيون، وأنّ أول من تولّى النظر عليه هو الخليفة المعتضد بالله أبو الفتح أبو بكر المستكفى بالله. والخلفاء العباسيون هؤلاء هم سلالة الخلفاء العباسيين الذين هاجروا إلى مصر سنة 656 هـ ، بعد أن قضى المغول على الدولة العباسية في العراق. ويقول الجبرتي[385]: إنّ الأمير عبدالرحمن كتخدا عمّر المشهد النفيسي ومسجده، وبنى الضريح على هذه الهيئة الموجودة، وجعل لزيارة النساء طريقاً بخلاف طريق الرجال، وذلك سنة1173 هـ ، كما كتب على باب الضريح بالذهب على الرخام هذان البيتان: عرش الحقائق مهبط الأسرار *** قبر النفيسة بنت ذي الأنوار حسن بن زيد بن الحسن نجل الإما *** م علي ابن عم المصطفى المختار وفي عام 770 هـ أقام والي مصر علي باشا الحكيم بوابةً على ساحة الفضاء أمام المسجد، وما زالت باقية حتى الآن. ثم تعرّض المسجد لحريق في عام 1310 هـ، أتلف النصف الشرقي للمسجد، فأمر الخديوي عباس حلمي الثاني بإعادة بناء الضريح والمسجد، وافتتحه بنفسه بعد التجديد، فصلّى فيه صلاة الجمعة. وأمّا المقصورة النحاسية ـ دقيقة الصنع والموجودة الآن ـ فترجع إلى عصر عباس باشا أيضاً. وقد ذكر علي مبارك في خططه[386] الضريح والمسجد الملحق وصفاً مستفيضاً، كما ذكر أنّه قد حُبس على المشهد أربعمائة وخمسون فداناً، وعدداً من الرباع (جمع ربع) والحوانيت للصرف عليه. هذا بالإضافة إلى ما يتجمّع في صندوق نذوره، والتي كانت تبلغ في السنة في ذلك العهد ما قيمته خمسة وعشرين ألف قرش، كما كانت نظارة الأوقاف تصرف له ثمن الزيت والحصر والبسط وملء الميضأة[387].