الرؤى العقائدية وهذه القيم العاطفية. وإلاّ فمهما كان النظام واقعياً ودقيقاً وحكيماً في عملية فهم الواقع، وتفهم حاجاته والدقة في إشباعها، فإنه سيبقى عاجزاً لو لم تسبقه حركةٌ عقائدية تُعطي المجتمع أسس المواقف التي يجب أن يتخذها من الوجود، والحياة، والإنسان نفسه، فتحقق له (عنصر الإيمان) وتنجيه من أهم الأمراض الحضارية وهي: مرضُ الإلحاد أي عدم الإيمان، ومرض الشرك وهو الإيمان المفرط بالآلهة الكاذبة، ومرض الشك وهي حالة تضاهي هذه الحالات القاتلة وما لم يتحقق ذلك فلن نضمن تكوّن العنصر الأول لأرضية تطبيق النظام وكذلك مالم تكن الدوافع العاطفية التي تركزها التربية منسجمةً تمام الانسجام مع البناء العقائدي ومتوائمةً معه، فإننا لن نضمن التوازن في الشخصية إذا كانت هناك فجوة كبيرة بين ما يعتقده الإنسان، وما يملأ فراغه العاطفي من قيم ودوافع داخلية وخارجية، بل مالم تكن تلك الدوافع والعناصر العاطفية قويةً مؤكدةً، فإنها لن تستطيع أن تصوغ السلوك وتصنع العمل الإنساني. إذن نحن بحاجة إلى الأمرين التاليين في كل نظام يراد له أن يحقق أهدافه الإنسانية: أولا: ملاحظة الواضع لكل الواقع الإنساني، وكل العلاقات والحاجات وإشباعها إشباعاً متوازناً مع باقي النظم. ثانياً: تهيئة الأرضية المناسبة للتطبيق، التي يمكن خلقها بتوفير عنصرين: أ ـ العقيدة. ب ـ الدوافع العاطفية المنسجمة. ونستطيع أن نعتبر أيضاً أن الواقعية تتطلب أمرين أساسيين في هذا السياق، وهما: الأول: احتواء النظام على ضمانات قانونية تُلزم كل أولئك الخارجين على الطبيعة الإنسانية المنسجمة، أو تلك القلة من الذين لم يختاروا الإيمان التام أو الالتزام التام بمقتضيات الإيمان. الثاني: امتلاكه المرونة التامة لاستيعاب المتغيرات الزمانية والمكانية في الحياة الإنسانية، ووضع حلول ثابتة للعناصر الثابتة في حياة الإنسان، وأخرى مرنة لاستيعاب العناصر المتغيرة فيها. والذي نعتقده أن الإسلام صدق ما طرحه بشكل عام حينما عرض نفسه ديناً قيماً على