تنمية الإنتاج. موقف الإسلام يتوضّح موقف الإسلام بملاحظة ما يلي: 1ـ مفهوم الإسلام عن الثروة: من الملاحظ أنّ هناك مجموعتين من النصوص الإسلامية في هذا الصدد. فبعضها يمدح الغنى مثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (نعم العون على تقوى الله الغنى) والآخر يذم الدنيا ويحث على الزهد كقوله (عليه السلام): (إنّ من أعون الأخلاق على الدين; الزهد في الدنيا). والتركيب بين المجموعتين يوضّح لنا أنّ الإسلام يعتبر الثروة هدفاً مهماً ولكنّه هدف طريق أي وسيلة لتأدية دور الخلافة في الأرض والتسامي بالإنسان. أمّا تنمية الثروة للثروة فهذا ما يرفضه. إنّه يريد للمسلم أن ينمي الثروة يمتلكها لا تمتلكه. 2ـ ربط تنمية الإنتاج بالتوزيع: إنّ التنمية ـ كما مرَّ ـ هدف طريق ولن تؤدّي دورها مالم تساهم في إشاعة اليسر والرخاء ـ كما يبدو من كتاب الإمام لمالك الاشتر حاكم مصر ـ أمّا إذا سخر الجمهور لصالح الثروة ولم تسخّر الثروة لصالحه فحينئذ يتحقّق قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّ الدنانير الصفر والدراهم البيض مهلكاكم كما أهلكا من قبلكم». ولذا فنحن نقدّر أن الإسلام لو كان يحكم بدلا من الرأسماليّة لما سمح للآلة باحتلال محل العمّال إلاّ بعد أن يرفع المشاكل الناتجة. 3ـ تصوّر الإسلام للمشكلة الاقتصادية: لا يرى الإسلام المشكلة ناتجة من بخل الطبيعة ـ كما قالت الرأسماليّة مستسلمة للمشكلة وحتميّتها ومحاولة العلاج بالتنمية ممّا يجعل النظام الاقتصادي موضوعاً في إطار المشكلة بدلا من القضاء عليها ـ وإنّما يرى أنّ الطبيعة مهيّأة تماماً لصالح الإنسان بشرط أن لا يكفر بنعمتها وإنّما يستغلّها من جهّة وأن لا يظلم في توزيعها من جهّة أُخرى: (وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدُّوا نعمة الله لا تحصوها، إنّ الإنسان لظلوم كفار)([84]).