وإذ لم نكن بصدد إعطاء النظرية الإسلامية فلا أقل من الإشارة إلى خطوطها الرئيسية: وما نعتقده ان الإسلام عيَّن المشكلة أولا ثم راح يسعى للحل الجذري. وهذه المشكلة تتلخص في أمرين (الظلم، والكفر بأنعم الله). ولو ارتفعا فقد حلت المشكلة تماماً. فهذا القرآن الكريم بعد ان يذكر نِعَم الله، يعقب على ذلك بقوله تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الإنسان لظلوم كفار). ومن هنا فإننا نجد الإسلام يصب كل جهوده لرفع هذين الجانبين من المشكلة فيعمل على تحقيق ما يلي: أولا: تنمية الإنتاج والاستفادة الأقصى من النعم الموفرة. وثانياً: تحقيق العدالة الاجتماعية والقسط، وقد أكد هذا كثيراً في مختلف نصوصه، ومنها جعل القسط، أحد أهداف الأنبياء الكبرى. وهو يرى ـ هنا ـ ان القسط لا يتحقق إلاّ إذا تحقق مبدءان هما: أ ـ التكافل الاقتصادي ب ـ التوازن في مستوى المعيشة. وهما أمران يشترك الشعب والحكومة في القيام بأعبائهما على اختلاف بين المسؤوليات. ولكي يتحقق التوازن الاقتصادي في مستوى المعيشة يجب العمل على الارتفاع بالطبقة الفقيرة إلى حد (الغنى)، وهو الحد الذي يوفر للإنسان حاجاته الطبيعية. وقد جاءت في هذا نصوص شريفة كما يعمل على منع الإسراف والهبوط بالمستوى الذي تعيشه الطبقة المترفة والمسرفة إلى الحد الطبيعي ولا يبقى بين مستويات المعيشة إلاّ تفاوت معقول ومقبول يضمن قربها من جهة وبقاء الدافع المادي المحرك للإنتاج الأكثر من جهة أُخرى. واننا لنجد الخطوات الاقتصادية التي قام بها الإمام أمير المؤمنين تسير كلها في هذا الاتجاه. فلنتتبعها إذن تبعاً سريعاً لنجد الروعة التي طرحها الإسلام وطبقها الإمام في دولته الإسلامية. ونستطيع ان نقسم هذه الخطوات إلى قسمين: الخطوات التربوية النفسية العقائدية.