الدرس الرابع المادّيّة التاريخية تحكم على نفسها في مجال معرفة مدى صحة أقوال الماركسية قلنا في الفصل الأول ان ما يدعيه الماركسيون من ان كل مؤمن بوجود العالم خارج الذهن وبمبدأ العلية لابد وان يؤمن بالماركسية، ان هذا المدعى تزييف وتزوير. كما رأينا في الفصل الثاني أن ما يدعونه من الالتزام بالمادية التاريخية التي قالوا بها، أمر باطل لا دليل عليه. وفي الفصل الثالث حكمنا على الماركسية بمقتضى قوانين الديالكتيك التي تبنتها هي، ودعت إلى الاعتراف بها في كل مجالات الكون. أما بحثنا في هذا الفصل فيطوف حول ما تحكم به المادية التاريخية الماركسية على نفسها. وسنجد أن هذا الأمر الغريب ـ أي أن تحكم النظرية على نفسها ـ يمكن ان يحصل في هذا المجال. الماركسية ترفض الحقائق المطلقة: ادعت الماركسية انها نظرية عامة تفسر كل الأحداث والظواهر الاجتماعية، فليس هناك حدث أو ظاهرة اجتماعية تشذ عن قوانينها. ولما كانت الماركسية قد اعتبرت نوعية وسائل الإنتاج وتطورها السبب الأول الوحيد