وثمة نظرية أخرى مفادها أنّ المنقذ العالمي هذا لا يعيد مجد المسيحية، بل اليهودية التي أصابها القمع والمظالم! وبذات الوتيرة تسعى إلى تقديم صور ونمطيات عن مجتمع اليهود تسندها قوى مقتدرة على الصعيدين: المالي والعسكري، لتمكّنها من ممارسة تشويه التاريخ بأبلغ صوره. كما وأنّ لقضية منجي البشرية وظهوره في آخر الزمان صدىً بشكل دعاو واشارات، بصورة صريحة أو مختزلة، في الديانات القديمة لدى الصينييّن والمغول والبوذيّين والمجوس والهنود والأحباش أيضاً. فالإيمان بحتمية ظهور المصلح الديني، وإقامة دولة العدل المرتقبة في كلّ أرجاء العالم لم يقتصر على المسلمين وحدهم، ولم يبتدعوه من فكرهم، بل يعدّ من النقاط المشتركة والبارزة بين الأديان السماوية وغير السماوية. فالمسلمون يرتقبون ظهور المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه، والمسيحيون آمنوا بغيبة عيسى (عليه السلام) وعودته في آخر الزمان، واليهود ينتظرون عودة عزير (عليه السلام) ، كما أنّ مسيحيي الأحباش ينتظرون عودة ملكهم «ثيودور» كمهدي في آخر الزمان، والهنود آمنوا بعودة «فيشفوا»، والمجوس أيضاً بانتظار عودة وظهور «روشيدر»، وهكذا البوذيّون لـ «بوذا» الذي يتمتمون باسمه في صلواتهم ليعجّل بعودته! فالاتّفاق على حتمية ظهور منقذ البشرية بمعونة السماء، لكن الاختلاف في مسألة تحديد «هوية» هذا المنقذ العالمي الذي هو مكلّف بتحقيق أهداف الأنبياء. ونقطة أخرى وهي أنّ ذلك كلّه راجع إلى ما ذكرته كتبهم المقدّسة، تصريحاً أو إشارةً، وليس إلى تفسيرات أحبارهم ورهبانهم، ممّا يقتضي الاطمئنان إلى مسألة حسّاسة، ألا وهي عراقة هذه العقيدة وقدمها، وكونها تمثّل أصلاً مشتركاً في دعوات الأنبياء وتعاليمهم المقدّسة. ومن الجدير الإشارة إليه: أنّ الإيمان بحتمية ظهوره لايختصّ بالأديان فحسب، بل