المقدّمة إنّ من يطالع أخبار الفتن والملاحم الواقعة في آخر الزمان، يجد نفسه - ضمن استحقاقات التغطية التاريخية لمستقبل الإسلام والمسلمين - أنّه يحفل ببعض التصوّرات التي تتناول صورة العصر آنذاك، وطبيعة الحياة في ظلّ محيط يتخلّله قرقعة السيوف وغياب الحوار. ويكفينا قراءة ما كان يحرّره المحدّثون والمؤرّخون من روايات وأخبار تثير الرعب في النفوس من حوادث الدمار والتقاتل، وضياع الحقّ، وتسلّط القوي على الضعيف، وانعدام الأمن والسلام بين الشعوب والأمم، خاصةً في الجزء الذي يبرز صوراً تعدّ تجسيداً لصراع الأديان وصدام الحضارات، وأنّ الأمل معقود على شخص من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) مصرّح باسمه واسم أبيه، وموصوف بصفات جسمانية وأخلاقية معيّنة، يظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، فيمثّل الفرصة الكبرى للإسلام الأصيل لاََن يزحف باتّجاه النصر، ويفتح البلدان وينقذ أهلها من جحيم الظَلَمة والمبطلين. وهذا في الوقت الذي نجده في النظرية المسيحية، وهي تتحدّث عن منجي العالم السفلي، صاحب الراية العتيقة، الذي يظهر ويواجه المغرورين والمفسدين، فتذعن له الحكومات رغم جبروتها وتسلّطها. وهذه النظرية الغربية غالباً ما تحمل بداخلها إطاراً فئوياً، لا يخرج عن كون ذلك المنقذ هو المسيح نفسه.