اشتهر بين الناس عنه تضعيفه لأحاديث المهدي. وقد رجعت إلى كلامه في مقدّمة تاريخه[153]، فظهر لي منه التردّد، لا الجزم بالإنكار[154]. وعلى كُلّ حال فإنكارها أو التردّد في التصديق بما دلّت عليه شذوذ عن الحقّ، ونكوب عن الجادّة المطروقة. وقد تعقّبه الشيخ صدّيق حسن في كتابه «الإذاعة» حيث قال: لا شكّ أنّ المهدي يخرج في آخر الزمان من غير تعيين لشهر ولا عام ; لما تواتر من الأخبار في الباب، واتّفق عليه جمهور الأُمة خلفاً عن سلف، إلاّ من لا يعتدّ بخلافه[155]. وقال: لا معنى للريب في أمر ذلك الفاطمي الموعود، والمنتظر المدلول عليه بالأدلّة، بل إنكار ذلك جرأة عظيمة في مقابلة النصوص المستفيضة المشهورة، البالغة إلى حدّ التواتر[156]. ولي ملاحظات على كلام ابن خلدون أرى أن أُشير إليها هنا: الأُولى: أنّه لو حصل التردّد في أمر المهدي من رجل له خبرة بالحديث، لاعتبر ذلك زللاً منه، فكيف إذا كان من الأخباريّين الذين هم ليسوا من أهل الاختصاص ؟ وقد أحسن الشيخ أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، حيث قال: «أمّا ابن خلدون فقد قفا ما ليس له به علم، واقتحم قحماً لم يكن من رجالها» وقال: «إنّه تهافت في الفصل الذي عقده في مقدّمته للمهدي تهافتاً عجيباً، وغلط أغلاطاً