/ صفحه 128/
وأن تحمله على الجادة حتى لا يتأثر في أعماله وأفكاره بشهوة ولا رغبة، فتسلم عقائد من الضلال، وتصلحَ أعمالهم وتبرأ من الفساد.
وقد وصف الله هذا الصراط المستقيم بقوله:
(صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين).
فكان ذلك بياناً له من ناحية العاملين به، المستقيمين عليه، الذين حازوا رضا الله، وتجنبوا غضبه، وحُفظوا من الضلال، وفي هذا من الاغراء به والاطماع فيه ما يدفع بالناس إلى تلمسه والاستقامة عليه.
وكما بينه الله من هذه الناحية بينه في ذاته بما بثه في القرآن الكريم من آيات العقائد، والعبادات، والاخلاق، والمعاملات، وبذلك ظهر الصراط المستقيم من ناحيتيه، وتحدد من جانبيه، وتمت بذلك نعمة الله على عباده.
طوائف الناس أمام الحق:
هذا وقد اختلفت أقوال المفسرين في بيان معنى المنعم عليهم والمغضوب عليهم والضالين، والذي نراه أن الناس أمام الحق والهداية الالهية ـ كما بين الله في صدر سورة البقرة التي تلي هذه هذه السورة في الترتيب القرآني ـ أصناف ثلاثة، وهو شأن طبيعي في الجماعة البشرية في كل وقت، وفي كل مكان:
الصنف الأول: المؤمنون: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، والذين يؤمنون بما أنزل اليك وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون، أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون). وهؤلاء هم الذين انعم الله عليهم ورضى عنهم.
والصنف الثاني: الكافرون: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، ولهم عذاب عظيم). وهؤلاء هم المغضوب عليهم.