/ صفحه 22 /
التثبت قبل الحكم
لحضرة صاحب الفضيلة العلامة الكبير الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء
ما زال أهل العلم والنظر والدراسات الصحيحة يُعْنَون أكبر العناية بالمصادر التي يعتمدون عليها في بحوثهم، ويستندون إليها في أحكامهم، ومن المعهود أن رجال الفرق، وأهل العصبية للمذاهب، ينقلون عن مخالفيهم آراء قد لا يعرفها هؤلاء المخالفون، وقد يعرفونها على صورة أخرى تختلف اختلافا قريباً أو بعيداً عن الصورة المنقولة، وأنهم قد يأتون باستدلالات لمذهب مخالفيهم يروجون لها، في ظاهر الأمر، ويوغلون في تفصيلها والعناية بدقائقها، ليوهموا الناس أنها لمخالفيهم، ثم يكرون عليها بالإبطال والتزييف والطعن والتجريح فلا تلبث أن تنهار.
لذلك كان شيوخ العلم، وحذاق النقد، يوصون تلاميذهم بأن يُعنَوْا بمصادرهم، وألا يقلدوا في بحوثهم وأفكارهم تقليداً أعمى، فيقعوا في الخطأ، ويضلوا عن سواء السبيل، وكانوا ينصحونهم دائماً بالرجوع إلى المصادر الأصيلة لمذهب ما، أو فكرة ما، إذا أرادوا أن يصلوا إلى الحقيقة في هذا المذهب، وأن يعرفوا الواقع الفعلي، لا التخيلي، لهذه الفكرة.
أقول هذا لأنني تتبعت كثيراً مما يكتبه الكاتبون عن الشيعة إلى عهد قريب، فوجدته مأخوذاً عن ابن خلدون الذي كان يكتب وهو في أفريقيا وأقصى المغرب عن الشيعة في العراق وأقصى المشرق، أو عن أحمد بن عبد ربه الأندلسي،