/ صفحه 23 /
أو أمثالهما، وقد يريد الكاتبون التوسع، ويقصدون إلى الدراسة والتحليل، فيرجعون إلى كتب الغربيين المعروفين (بالمستشرقين) وحينئذ يظنون أنهم قد أتوا بفصل الخطاب، واعتمدوا على المصدر الوثيق، وجاءوا بالحجة الدامغة. مع أن أمر الشيعة في أفكارهم وآرائهم ميسر لمن أراد معرفته، فهذه كتبهم ومؤلفاتهم ومكتباتهم ـ ومن بينها مكتبتنا التي تشتمل على أكثر من خمسة آلاف مجلد ـ تشهد بأن الشيعة ما هم إلا طائفة من طوائف المسلمين، ومذهب من مذاهب الإسلام، يتفقون مع سائر المسلمين في الأصول، وإن اختلفوا معهم في بعض الفروع.
ومن الأمثلة التي تدل على عدم التثبت ما يزعمونه من أن الشيعة تقول: إن النار محرمة على الشيعي إلا قليلا، وكتب الشيعة جميعاً تنادي بأن الله خلق الجنة لمن أطاعه ولو كان عبداً حبشياً، والنار لمن عصاه ولو كان سيداً قرشياً. والمسلمون جميعاً يقرأون قوله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره).
ومن ذلك ما يزعمونه من أن النصرانية ظهرت في التشيع في قول بعضهم: إن نسبة الإمام إلى الله كنسبة المسيح إلى الله، وهذا قول مرسل بغير سداد، ولم يعين قائله من الشيعة ؟ فإن كان المراد ما يسمونهم غلاة الشيعة كالخطابية، والغرابية، والعلياوية، والمخمسة، والمبزيعية، وأشباههم من الفرق الهالكة المنقرضة التي نسبتها إلى الشيعة من الظلم الفاحش، وما هي إلا من الملاحدة والقرامطة ونظائرهم. فإن الشيعة الإمامية وأئمتهم يبرأون من تلك الفرق براءة التحريم، على أن تلك الفرق لا تقول بمقالة النصارى، بل خلاصة مقالتهم، بل ضلالتهم أن الإمام هو الله سبحانه وتعالى ظهوراً أو اتحاداً أو حلولا أو نحو ذلك مما ينقل عن بعض المتصوفة، وقريب من ذلك ما يقول به أرباب وحدة الوجود أو الموجود.