/ صفحه 286/
التاريخ والتقريب
لحضرة صاحب الفضيلة الدكتور محمود فياض
أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية أصول الدين بالأزهر
حملت إلينا " رسالة الإسلام " كثيراً من الآمال التي ينشدها ـ من زمن بعيد ـ كل مسلم غيور على دينه وعزته، وإنا إذ نحييها نرجو أن تكون عامل حياة وقوة للأمة الإسلامية، ودعامة من دعائم وحدتها التي تعيد إليها عزتها، وتهديها إلى الرشد في شعاب الحياة وسبلها المختلفة.
وإني لأشهد أن الأقلام الرفيعة التي دبجت صفحاتها، قد أروت الظمأ، ورسمت منهج الوحدة مستقيما غير ذي عوج … ولكن التاريخ.! التاريخ صانع الشعوب، وباني الوحدات، التاريخ الذي لجأت إليه الشعوب المتحضرة في عمليات البناء والتوجيه والبعث فوصلت إلى ما وصلت إليه.
هذا التاريخ الإسلامي لا يمكن الإغضاء عنه في التقريب، الا إذا كان هو المقصود الأول " بوحدة الثقافة " فتاريخننا المدون، خضع لكثير من عوامل الترغيب والترهيب، فجاء مفرقا للجمع، لا جامعاً للشمل، ولا أحسبني مغاليا إذا حملّت التاريخ الإسلامي المدون، وكتّاب التاريخ الأقدمين والمحدثين معظم التبعة في الجفوة التي ظلت قائمة بين شعوب الإسلام، هذه الجفوة التي تدفع المصلحين اليوم من أئمة المسلمين إلى محاولة التقريب بين المذاهب لتقترب الشعوب، كذلك لا أحسبني مغالياً، إذا قلت إن التاريخ الإسلامي ودراسته على أسس جديدة. بعيدة عن التعصب والزيف كفيل بالتقريب بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم. فإن كل من عانى دراسة التاريخ الاسلامي، يجد أموراً جديرة بالنظر والتأمل، سيما في مواطن النزاع بين السلف الصالح ـ قد ألبست غير ثيابها أو