/ صفحه 182/
ثم لعدم الاطمئنان إلى نوايا الروّاد الأول لهذه النجعة. بيد أن الزمن حلاّلَ المشكلات، قد تكفل بإخماد نار الحرب، إذ كانت مطاولته فرصة لأن يدرك المحافظون، أن المنهج الجديد، يمسّ الشكل دون الجوهر، وأنه معين مسعد، لا مثبط خاذل، وأنه بانيا أكثر منه هادما، على أنه حينما هدم ما هدم، لم يكن شرح مبتدعاً، ولا مدعياً ولا قائلاً على القدماء ما لم يقولوا، وإنما ردد ما قالوا، ما أجملوا، ولذلك غدونا اليوم، وهذا المنهج "المطعم" منهج المحافظين والاحرار، والمجددين والرجعيين، فيما يعالجون من بحوث النقد في مختلف الأوطان العربية والاسلامية جميعا.
نحن ـ الآن ـ أمام الشعبة الثالة: وهى شعبة لها خطرها، ولها رجالها البارزون، ولها شبابها الجراء، الذين يستمدون تسعة أعشار قوتهم من جهات ثقافية، من الغرور أن أمسّ رسالتها، أو أنال منها، وإلا سمعت قصة الصخر والوعل!
هذه الشعبة: قد أعطت الثقافة الغربية والآداب الغربية من أنفسهم، بمقدار ما أعطت الشعبتان الأوليان اللغة العربية وآدابها من أنفسهم، وكانت قد حامت حول اللغة العربية وأدبها، ولكنها ماوردت، أو بعبارة أقرب إلى الإنصاف، وردت ورود الرّافه الرّيان، لا ورد المتعطش الظمآن.
وبعيدً ما بين وارد رفهٍ عللٍ شَربُه، ووارد خْمس!

هذه الشعبة ـ مذ اليوم ـ تحاول مُلحّة جاهدة، أن تنزل الآداب العربية منذ جرى بها لسان عربى على معايير النقد الأدبى في الغرب، يسلم منها ـ وقلما يسلم ـ ما وافقها، ويُبَهْرَج منها ما حاد عنه، وما أكثر ما يحيد! لهم في هذا الكتب المؤلفة، والرسائل والمقالات، والجدل الشفوي، الذي ينتهى أحيانا إلى الصراع، أو إلى ما هو شر من الصراع.
لست هنا بسبيل أن أذكر أسماء، أو أن أراد على شخص معينّ، ولكننى أنا هض